فلسطين أون لاين

تطلب حذرًا من المواطنين

تقرير "سلالات كورونا".. طفرات تُباغِت الجهاز المناعي

...
صورة تعبيرية
غزة/ نور الدين صالح:

دخلت غالبية دول العالم -ومنها الأراضي الفلسطينية مؤخرًا- موجة جديدة من تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، بعدما انبثقت عنه طفرات مُتعددة بأسماء جديدة، منها طفرات بريطانية وبرازيلية وجنوب إفريقية.

وتُشكِّل هذه الطفرات بمختلف مسمياتها مصدر قلق للمواطنين الفلسطينيين، خاصة بعد وصولها إلى مدن الضفة الغربية المحتلة، وتسجيل عشرات الإصابات بها في ظل ضبابية المعلومات الواردة عن طبيعتها والفئات التي تُصيبها.

وتدور تساؤلات عدّة بشأن طبيعة الطفرات المنتشرة في مدن الضفة، والخطوات التي يجب على وزارة الصحة والجهات الحكومية في غزة تحديدًا اتخاذها قبل وصولها إلى القطاع.

ويقول أستاذ علم الميكروبات والأوبئة د.عبد الرؤوف المناعمة: إن "الطفرات لدى الفيروسات أمر شائع ومعتاد، ولا تعني بالضرورة أنها ستزيد شراستها لكن من المحتمل أن تكون السلالة الجديدة مقاومة للقاحات المتاحة حاليًّا".

وأوضح المحاضر في الجامعة الإسلامية بغزة أن التحور يحتوي على ثلاث طفرات تغيِّر شكل البروتين المسمى (Spike) على سطح فيروس كورونا، وهذا البروتين موجود في الجزء الخارجي من الفيروس ويساعده على دخول الخلايا.

وذكر المناعمة في حديث لصحيفة "فلسطين" أن هذه التغيُّرات تزيد صعوبة محاربة الفيروس، وتعيق تعرُّف الجهاز المناعي عليه.

وأفاد بأن بعض الدراسات أظهرت أن هذه الطفرات لها نسبة انتشار أعلى ونقل العدوى بنسبة (50-70)%، وأن نسبة الإصابة كانت أكبر بين الشباب الذين تقل أعمارهم عن 20 عامًا، "ويعد ذلك تغيُّرًا في وبائية المرض الذي كان أكثر شيوعًا بين كبار السن".

وذكر أن الدراسات التي أُجريت لم تكشف سبب ارتفاع معدلات انتقال العدوى، مرجحًا أن يصبح الفيروس أكثر شيوعًا لعدة عوامل بيئية، مثل: انخفاض درجة الحرارة، أو ارتفاع نسب الرطوبة، أو لأن الفيروس أصبح أكثر قابلية للانتقال من النسخة الأصلية.

ويعتقد المناعمة أن هذه الطفرات قد تساعد الفيروس على الهرب من الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم نتيجةً لإصابة سابقة به أو استجابةً للقاح.

ونفى وجود أي معلومات تثبت بأن العدوى التي تسببها هذه السلالات الفيروسية أكثر خطرًا، مستدركًا "ومع ذلك توجد مؤشرات بأن خطر دخول المستشفى والوفيات مرتفع وقابلية الانتقال العالية تعني في نهاية الأمر ارتفاعًا بأعداد المصابين ومن ثم زيادة بأعداد الوفيات".

ولفت المناعمة إلى أنه من الصعب التفكير في إمكانية القضاء على النسخ المتحورة أو منع انتشارها تمامًا؛ بسبب تعددها وانتشارها الواسع والسريع، لا سيّما في ظل عدم تقييد السفر بين الدول وعدم قدرتها على فحص السلالات الجديدة والناشئة.

وأكد ضرورة التركيز على تأخير نشر هذه السلالات قدر الإمكان، باتباع سلسلة من الإجراءات، كاختبار القادمين من المناطق الموبوءة، مع إمكانية فرض الحجر الصحي والعزل والتعقب للمخالطين.

وشدد على ضرورة التزام الإجراءات الصحية الشخصية والتباعد الاجتماعي للمواطن، من أجل منع انتشار المرض بسلالاته المختلفة، ولضمان عدم إغراق النظام الصحي بعدد كبير من الحالات الحرجة بما يفضي إلى انهياره.

كما دعا إلى دعم صمود المواطنين ومحاولة التقليل من الخسائر المادية للقطاعات المتضررة والأكثر هشاشة، مؤكدًا أهمية توفير اللقاح وتشجيع الجميع على التطعيم، مع الأخذ بالاعتبار أنه وسيلة مهمة وليس بديلًا عن إجراءات الوقاية.

دخوله إلى غزة

وعند سؤاله عن إمكانية دخول هذه السلالات إلى قطاع غزة، أجاب المناعة: "نعم، ويُمكن أن تنشأ سلالات خاصة في قطاع غزة، فهذا أمر محتمل نظريًّا".

وهذا ما ذهب إليه نائب مدير دائرة التثقيف بوزارة الصحة في غزة د. بدر الصفدي، الذي لم يستبعد دخول الطفرات الجديدة إلى قطاع غزة، في ظل استمرار فتح المعابر وتنقُّل المواطنين لا سيّما المرضى الذين يتلقون العلاج في مستشفيات الضفة.

وقال الصفدي في حديث لصحيفة "فلسطين": "في ظل عدم توفُّر معلومات كافية حول الطفرات الجديدة، يبقى التعامل بالإجراءات الوقائية المتبعة مستمرًا"، متوقعًا أن يكون لبعضها مخاطر أكثر شدة من فيروس كورونا المستجد.

وشدد على ضرورة استمرار المواطنين في التزام إجراءات السلامة والوقاية، "فمرحلة الخطر لم تزُل بالمُطلق، والوباء منتشر في القطاع"، نافيًا تسجيل أي إصابات بالطفرة الجديدة في غزة حتى الآن.

وأكد أهمية تعزيز الجهاز المناعي لدى المواطنين من عبْر تناول الأغذية المناسبة، لافتًا إلى أن اللقاح الخاص بكورونا يعمل على تحفيز الجهاز المناعي ما ينعكس إيجابيًّا على صحة المواطنين الذين تلقوه.

وفي المقابل قال الصفدي: "وزارة الصحة لا تملك عصا سحرية لمواجهة الفيروس والطفرات المنبثقة عنه، وهو ما يزيد الخطر، خاصة في ظل التوقعات بوصول طفرات جديدة في قادم الأيام".

ووصف الحالة الوبائية في غزة بأنها "إيجابية نوعًا ما" وأفضل من السابق، "لكن مرحلة الخطر ما زالت مستمرة في ظل عدم زوال الفيروس"، منبِّهًا إلى أن المصابين بفيروس كورونا اكتسبوا مناعة منه.

وبيَّن الصفدي أن حالة الوعي لدى المواطنين ارتفعت مقارنة بالفترات السابقة، إذ أصبح هناك التزام في ارتداء الكمامات والتباعد الجسدي وغيرها من الإجراءات.