قائمة الموقع

يغبط قلبي هذا الرجل

2021-02-27T10:28:00+02:00
ما زالت الدنيا بخير

بمجرد أن عرفت بعض المقتطفات الصغيرة من مسيرة العطاء الجميلة للصيدلاني ضياء هارون الذي يُلقب بـ"ضياء الفقراء" (رحمه الله تعالى) شعرت بغبطة كبيرة في قلبي، إذ كان كثير العمل قليل الضجيج، فلم ينشغل على مواقع التواصل الاجتماعي، ليتحدث عن إنجازاته الخيرية، بل كانت الكاميرات والأخبار تجهل حقيقته؛ فقد كان يعمل بصمت جميل يحصن به قلبه من الرياء، ويحفظ ماء وجه الفقراء.

كان له من اسمه نصيب بأن يكون ضياء للفقراء والمساكين، فطبيعة عمله ودقته في تحري الحلال والحرام في ماله لم تشغلاه عن حاجاتهم، فكان ذلك من بركات الله (تعالى) في رزقه.

كان يتعامل مع الفقراء كأنهم جزء من عائلته، الأمر الذي جعله يحمل المساعدات مالية أو عينية وتقديمها لهم بنفسه، وكان يرتدي ملابس بسيطة وعملية لا توحي بالغنى، فكان يريد أن يكون قريبًا من أفئدة الفقراء بعيدًا عن عيون الكاميرات.

كان يحمل قلبًا حنونًا رقيقًا، جعله كثير البكاء لما كان يسمع بحاجة إنسان للمساعدة ولم يكن يعلم عنه من قبل.

ورمضان هذا سيفتقده الكثير، خاصة أنه رمضان الأول الذي سبق الموت فعله في إعداد الطعام بنفسه بمساعدة زوجته، وتوزيعه على الفقراء بنفسه قبل موعد الإفطار.

هذا الرجل الذي يغبطه قلبي قد بكى عليه الفقراء والمساكين والأيتام قبل أيام قليلة لوفاته، فقد كان يحضر الأيتام إلى بيته، ويكرمهم من الطعام والشراب، وليس هذا فحسب، بل أيضًا كان يحاول تعويضهم ولو بالشيء البسيط عن حنان العائلة، فكان يُدرك أن اليتيم لا يحتاج إلى ما يسد جوعه وعطشه فقط، بل حاجته إلى ما هو أكبر بكثير من ذلك.

ومن جميل فعله ليس تقديم المساعدات فحسب؛ بل كان يعمل على تشغيل الأرامل والمحتاجات ليسد حاجتهن للسؤال.

تعلمت من سيرة هذا الرجل أن بذور الخير لا تزال تولد كل يوم من أرحام الأمهات الصالحات، لتنجب رجالًا أمثاله، منهم علمناهم، والكثير لا يعلمهم إلا الله (تعالى)، يعملون بالليل والنهار، فهم الذين قال عنهم الله (تعالى) في كتابه الكريم: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة:274).

 

 

 

اخبار ذات صلة