فلسطين أون لاين

حاله كـ(95) آخرين من الضفة وغزة

"مجاهد".. حفل ميلاد طفلٍ محروم حضن أبيه

...
غزة- مريم الشوبكي:

على وقع أنشودة "Happy Birthday to You" التف أطفال أسرى من "النطف المهربة"، حول قوالب الكيك يصفقون فرحين بالاحتفال الذي أقيم احتفاء بهم، على شرف المولود الجديد مجاهد ابن الأسير في سجون الاحتلال محمد القدرة.

حضرت إيمان والدة الطفل مجاهد متثاقلة؛ فلم يمضِ على ولادتها سوى ستة أيام، لكنها آثرت حضور الاحتفال لتصل فرحتها عبر الكاميرات إلى زوجها محمد خلف القضبان.

من نطفة مهربة جاء "ولي العهد مجاهد" ليكون سندًا لأخواته الثلاثة، ويخفف آلام غياب والده الذي ترك فراغًا كبيرًا في العائلة.

فإيمان ترى أن قدوم مجاهد جاء طاقة فرح لأبيه الذي يتعذب خلف جدران الأسر، ويتجرع مرارة منع الاحتلال زيارة زوجته وأطفاله له.

في مشهد آخر، رن هاتف شيرين المحمول، فقفز ابنها معتز قائلًا: "مين؟ بابا؟"، نظرت إليه والدته وابتسمت مخفية الكثير من الأسى، ردت على المتصل، ثم عاودت الحديث إلى معتز وتوأمه سوار اللذين كانا يحملان صورة والدهما الأسير أحمد السكني.

جلست شيرين مع طفليها اللذين يبلغان خمسة أعوام، ينتظران بدء حفل ذكرى الميلاد وهما يضحكان، ولكن في قلوبهما غصة، ففرحتهما كان ينقصها حضن أبيهما ومشاركته في سعادتهما.

شيرين زوجة الأسير أحمد عبرت عن سعادتها بإقامة احتفال بذكرى ميلاد أبناء أسرى، لأنها شعرت بأن هناك من يتذكرهم وأبناءهم وعوائلهم ويهتم بهم.

الأسير أحمد من مدينة غزة اختطفه الاحتلال الإسرائيلي سنة 2002م مما كان يعرف بـ"حاجز أبو هولي"، قبل دحر الاحتلال من قطاع غزة في 2005م، وحكم عليه بالسجن 27 سنة أمضى منها 19.

تقول شيرين لصحيفة "فلسطين": "كان لدي طفل قبل أن يأسر الاحتلال أحمد، ولكنه توفي في حادث سير، ترك فراغًا كبيرًا في حياتي، حينها اتخذنا قرارًا مشتركًا بمحاولة الإنجاب مرة ثانية".

حينما سألتها عن ردة فعل زوجها بعد ولادتها توأميهما، أخذت تمسح دموعها وأخفتها وراء ابتسامة خفيفة، وأجابت: "الفرحة سمعتها عبر اتصال معه ولكني لم أرها، لا يزال حتى اليوم يحلم باحتضانهما؛ فهو لم ينعم بذلك منذ ولادتهما قبل خمس سنوات".

قاطع معتز حديث والدته، موجهًا رسالة لوالده الذي لا يعرفه إلا من الصور: "اشتقتلك بابا، إن شاء الله بتطلع".

تخلل الاحتفال فقرة فنية لمهرجين، تعالت ضحكات الأطفال مع الحركات الفنية للمهرج، واندمجوا بالقفز والتصفيق على وقع بعض الأناشيد المحببة للأطفال، وسعادتهم كبرت حينما وزعت هدايا عليهم في نهاية الحفل.

قصة أسعد

اجتمع أطفال أسرى وذووهم في احتفال نظمته وزارة الأسرى والمحررين بعنوان: "عيد ميلاد أبناء الأسرى.. سفراء الحرية" بغزة، ويأتي هذا الحفل ضمن سلسلة من الفعاليات التضامنية مع الأسرى التي تنفذ على مدار العام.

ومن الحضور أيضًا كان الطفل أسعد أبو صلاح ابن الأسير فهمي من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، الذي أسره الاحتلال من بيته في أثناء عدوان 2008م، وحكم عليه بـ22 سنة أسر قضى منها 13.

لأسعد أخت تركها أبوها وهي لم تتجاوز 40 يومًا، بعد إنجاب أسعد (سبعة أعوام) أصبح له طفلان.

تقول مي زوجة الأسير لصحيفة "فلسطين": "حينما ولد أسعد تحسنت الحالة النفسية لفهمي، وارتفعت معنوياته كثيرًا، فرغم البعد حس طفليه يهون عليه عذابات السجن".

وتقيم مي لأسعد احتفالًا سنويًّا في ذكرى ميلاده، لتعوضه قليلًا عن غياب والده، إذ لا ينفك يسألها عنه: "وقتيش بدو يروح بابا؟!".

يحتضن أسعد صورة والده موجهًا كلامًا له، لعله يصل إليه: "بحبك بابا".

من جهته يعبر وكيل وزارة الأسرى والمحررين بهاء المدهون عن أمله في أن "يمن الله على جميع الأسرى بالفرج القريب، ليحتضنوا أبناءهم في احتفال كبير"، مؤكدًا أن مساندة أهالي وأبناء الأسرى "واجب وطني وديني حتى لا يشعروا أنهم وحدهم".

ويتابع: "الفرحة غير مكتملة لأن الآباء يغيبهم السجن عن احتضان أبنائهم، لأن الاحتلال يريد أن يقتل الفرحة في وجوههم، ولكن الأسرى في المقابل يثبتون أنهم صناع الحياة، وصناع إرادة لن تخبو".

ويكمل المدهون: "من كان يتخيل أن يفرض الأسرى هذه المعادلة على السجان، ويثبتوا أنهم لن يستسلموا يومًا، ويفكروا كيف يصنعون الفرحة والسعادة لهم ولزوجاتهم، وأن الاحتلال ضعيف أمام أسير لا يملك إلا إرادته؟!".

وبحسب إحصائيات فلسطينية؛ إن عدد الأطفال الذين أُنجبوا من "نطف مهربة" من داخل سجون الاحتلال بلغ 96 طفلًا، منهم 10 من قطاع غزة، والبقية من الضفة الغربية.