يسود الاعتقاد أن الانتخابات الفلسطينية المرتقبة في الشهور القادمة تشكل محاولة للخروج من عنق الزجاجة، والولوج لمرحلة جديدة من العمل السياسي الفلسطيني تسمح ببناء اطار جديدا للتوافق الوطني والخروج من حالة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وسلوك طريق جديد لمعالجة مشكلات الحالة الفلسطينية الداخلية بكل تبعاتها التي مضى عليها قرابة 15 عاما.
تقول الفصائل الفلسطينية والسلطة انها تلقي بكل ثقلها امام هذه العملية من أجل استعادة الثقة في النظام السياسي الفلسطيني المشلول، وإنهاء مرحلة التفرد بالسلطة، والاقصاء السياسي، وبناء منظومة سياسية جديدة تنطلق من الانتخابات من أجل الانتقال الى مرحلة جديدة من الاشتباك مع الاحتلال والمجتمع الدولي تسمح بإعادة القضية الفلسطينية الى واجهة السياسية الدولية، وكسر حالة الجمود التي مضى عليها سنوات عجاف، وصياغة اطارا جديدا للتوافق الوطني يتيح توسيع قاعدة الشراكة السياسية للمجموع الفلسطيني تسمح بمناقشة كافة القضايا والمشكلات الداخلية التي ارهقت المواطن الفلسطيني وادخلت القضية الفلسطينية في ثلاجات الجمود وما ترتب عليها من ارتدادات ثقيلة على الواقع السياسي والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي الفلسطيني، وفتح الطريق لتغول الاستيطان ومصادرة الأراضي والتفرد الإسرائيلي في تغيير الوقائع على الأرض على طريق تهويد "الدولة" وتنفيذ خطة الضم الخيالية.
بذلك فإن الانتخابات تفتح الطريق امام التفاؤل الفلسطيني لتسرح في الخيال وكأنها ستنقلنا لعصر جديد تذوب فيه الخلافات، وتنقضي فيه الحاجات، ونتغلب فيه على الأزمات والمشكلات بكل أنواعها وأشكالها، وترتسم أمامنا آفاقا جديدة من الانطلاق والعمل نحو المصالح الوطنية العليا، لذا الكل يعرب عن مرونة وتسخير كل الإمكانات والظروف من أجل النجاح في الانتخابات التي تمثل العصا السحرية لإنقاذ الفلسطينيين من عثراتهم، وتخليصهم من أزماتهم ومشكلاتهم.
لكن في الوقت نفسه تحوم اكوام من المخاوف إزاء هذا التفاؤل التي نأمل أن يكون المجموع الفلسطيني فطنن له بمسئولية ورؤية واستراتيجية حذر وعلاج.
فالمخاوف يمكن طرحها في جملة من التساؤلات: هل فعلا الانتخابات ستكون الطريق السليم والاسلم في خروج الفلسطينيين من النفق؟ أي ان عطشنا للديمقراطية كان سبب مشكلاتنا؟!
هل الانتخابات ستوفر حماية للإنسان الفلسطيني من التشرذم السياسي وتبعاته التي جعلته متسولا على أبواب السلطة والفصائل؟
هل الانتخابات ستتيح تبني استراتيجية نضال للاحتلال يتم التوافق عليها وطنيا بغض النظر عن طبيعتها ومضمونها؟
هل الانتخابات ستخرج النظام السياسي الفلسطيني من جمود وعجزه وتعيد هيكلته بحيث يكون قادرا على دمج الكل الفلسطيني واستيعابه والاستجابة لمتطلبات المصالح الوطنية العليا؟
هل الانتخابات الفلسطينية ستقنع المواطن الفلسطيني بأنه أصبح في عهدة قيادات سياسية جديدة يجمعها الهم الفلسطيني ولا تسعى للترزق على قفاه؟!
التساؤلات كثيرة بكثرة المخاوف .. والاجابات إلى الان مفقودة، لكن فلسطين لا تبقي الا الشرفاء والأوفياء..