طفلتي في سن 7 سنوات، وهي الوسطى بين اثنين، واحدة تكبرها بعامين، وآخر في سن الثانية، أتقنت النطق في سن السنتين، إلى درجة أنها كانت تحفظ الحروف العربية وتنشدها بطلاقة، وهي الآن في نهاية السنة الدراسية الأولى، لكنها منذ أن دخلت الروضة أي في سن الرابعة أخذت تنطق بأغلب كلماتها كالصغار، تحكي بلهجتهم الضعيفة غير المُتقَنة، وتضع الفواصل بين الكلمات مثلهم، مع أنها في مواقف أخرى تكون عادية تمامًا وتتحدث كمن هم في سنّها، أنزعج كثيرًا حين أسمعها تتحدث بطريقة الصغار، فأنهرُها أحيانًا وأحيانًا أخرى أطلب منها أن تُعدّل من نطقها للكلمات حتى لا يضحك منها الآخرون، لكنها لا تستمع.
فهل هذه مشكلة تستحق العلاج؟، وهل من أسباب معينة أدّت إلى ذلك؟، وكيف أتصرّف معها؟
تجيب عن الاستشارة: د. زهرة خدرج كاتبة في العلوم الإنسانية
مشكلة الطفلة بحاجة لعلاج قبل أن تتفاقم وتؤدي إلى مشاكل أكبر، وواضح جدًّا أن مشكلتها تكمن في محاولتها للفت الانتباه، وليست مشكلة صعوبة في التكلم كما يتراءى للشخص للوهلة الأولى، وذلك لأنها تحدثت في البداية بطلاقة، ثم تراجعت بعد ذلك، غير أنها تتكلم بصورة طبيعية في بعض المواقف.
قد يكون سبب ولادة طفل جديد في الأسرة هو أحد الأسباب المؤدية إلى ذلك، فعندما يولد طفل جديد يتجه الاهتمام إليه كثيرًا، بسبب حاجة الوليد للرعاية والرضاعة، فضلًا عن كثرة بكائه بسبب المغص، الأمر الذي يجعل الطفل الذي يكبره يشعر بأنه هُمش تمامًا، فلا حب ولا اهتمام ولا رعاية، غير أن الأم تنفد طاقتها بسبب رعايتها للصغير، فيقل فعلًا اهتمامها بالطفل الأكبر، لأنها تراه طفلًا أصبح كبيرًا ويستطيع الاعتماد على نفسه في بعض الأمور، ولم يعد بحاجة للعناية كالوليد، ولما كان الطفل الأكبر لا يستطيع الدفاع عن حقوقه، وإقناع أهله بالاهتمام به هو كذلك؛ فإنه يلجأ إلى إظهار تراجع في قدراته، فقد يأخذ بالضغط على والديه ليعود إلى النوم على سريرهما مثل الطفل الوليد، ويأخذ بمحاكاة الصغير في حركاته وبكائه وطريقته في الأكل، وقد يمص إصبعه، أو يقضم أظفاره.
أما السبب الآخر لسلوكيات تلك الطفلة فهو مغادرتها البيت إلى الروضة، فكثير من الأطفال يواجهون مشكلة عند الانفصال عن الأم والخروج إلى المجتمع (الروضة)، ودفاعًا عن النفس وإثباتًا لأنهم ليسوا جاهزين لهذا الانفصال بعد؛ يتراجع الطفل في قدرته على الكلام، ويعود للتبول في ملابسه، أو يصبح كثير البكاء والتذمر والشكوى.
مشكلة الطفلة بحاجة لبعض التفهم من الوالدين، وعليهما أن يتجاهلا حديثها الطفولي جدًّا، وألا يلوماها، بل يجب تشجيعها لتُظهر ثقتها بنفسها، وأن يغدقا عليها من حبهما، وأن ينتبها إلى أن الحب لا يعني التدليل الزائد والسماح للطفل بكسر القوانين السائدة في الأسرة دون محاسبة، الحب هنا يعني العناق والتقبيل والاهتمام، إضافة إلى المدح، خاصة عندما تعتمد على نفسها أو تتصرف تصرفات لائقة، وإشعارها أن لها مكانتها التي لا تتزعزع، مهما حدث، وأن الطفل الصغير لا يأخذ مكانها، فلكل مكانته المحفوظة، وإشراك الطفلة في العناية بالطفل الصغير يجعلها تتقبله وتشعر تجاهه بالمسؤولية.
وأنصحك في النهاية بالصبر والهدوء، وإظهار الحب لها ولبقية إخوتها.