فلسطين أون لاين

تقرير فصل مناطق وتشتيت عائلات.. آثار جدار الفصل العنصري بالقدس

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ أدهم الشريف:

كان ذهاب راسم عبيدات من سكان جبل المكبر التابعة لبلدة السواحرة الغربية في القدس المحتلة، لزيارة أقاربه في منطقة السواحرة الشرقية، لا يستغرق من وقته سوى بضع دقائق.

أما الآن فالوصول إليهم يستهلك ساعات من وقته بفعل جدار الفصل العنصري، السبب الرئيس في فصل القدس عن امتدادها الطبيعي للبلدات والقرى المحيطة، والضفة الغربية المحتلة أيضًا.

قبل قرابة 20 سنة من الآن، شرعت سلطات الاحتلال في بناء جدار الفصل، ومنذ ذلك الحين، أصبح عبيدات، ومثله آلاف العائلات المقدسية، مفصولًا تمامًا عن أقاربه، ليس بإمكانه زيارتهم إلا عبر سلوك طرق التفافية وحواجز عسكرية لجيش الاحتلال تنتشر في كل مكان.

يقول عبيدات لصحيفة "فلسطين": إن سلطات الاحتلال صنفت منطقة جبل المكبر التابعة لبلدة السواحرة الغربية على أنها تابعة لمدينة القدس، وفصلتها عن السواحرة الشرقية، التي تعد امتدادًا جغرافيًّا وقبليًّا وعشائريًّا للسواحرة الغربية.

وذكر أن الاحتلال بات يعد السواحرة الشرقية إحدى بلدات الضفة الغربية، مع أنها تتبع مدينة القدس المحتلة.

وأضاف: نتج عن ذلك، تقسيم العائلات المتشابكة اجتماعيًا واقتصاديًا، بين مقدسية وأخرى تقع خارج القدس بفعل جدار الفصل العنصري، وتسبب ذلك بتداعيات وظروف اجتماعية واقتصادية صعبة للغاية للمواطنين.

وأكمل عبيدات أن سلطات الاحتلال استغلَّت جدار الفصل العنصري لتقسيم الجغرافيا الفلسطينية في القدس ومحيطها، وهي تفرض غرامات كبيرة على المواطنين.

ونبَّه إلى أن مقبرة للموتى تقع في القسم الغربي من السواحرة، ويحظر الاحتلال على سكان السواحرة الشرقية دفن موتاهم فيها، إلا بعد الحصول على العديد من التصاريح التي تماطل سلطات الاحتلال في إصدارها، ما يتسبب بحالة إحباط ويأس لأهل المتوفى فيلجؤون لدفنه في السواحرة الشرقية خلف الجدار.

ومخططات الاحتلال وتنفيذها بهذا الشكل ليس وليد اليوم، بل منذ احتلال مدينة القدس بالكامل، وفق عبيدات، الذي أشار إلى أنه بعد عام 1967، صنف الاحتلال العديد من الأحياء والبلدات على أنها مقدسية، وأخرى صنّفها على أنها تابعة للضفة المحتلة، وذلك ضمن احتياجاته الأمنية والاستراتيجية.

"ونتج عن ذلك تعقيدات كبيرة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين المقدسيين"، بحسب عبيدات.

وبلدة السواحرة ليست المنطقة الوحيدة التي تعرضت للفصل والتقسيم بالجدار العازل، بل إن هناك العديد من البلدات والقرى المقدسية وسكانها، تعرضوا للمخطط الإسرائيلي ذاته.

وأكد مدير مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية زياد حموري، أن سلطات الاحتلال بعد اتفاق (أوسلو) بدأت فعليًّا بعزل أحياء وبلدات عن مدينة القدس، وذلك عبر إحاطة القدس بالحواجز، وقطعت التواصل التاريخي والامتداد الطبيعي بين القدس والقرى المحيطة بها والضفة الغربية أيضًا.

وأضاف حموري لـ"فلسطين"، أن ذلك شكّل بداية عملية عزل القدس وخلق أزمات اقتصادية واجتماعية فيها، وتُوِّج مخطط الاحتلال هذا عام 2002 ببدء سلطات الاحتلال إقامة جدار الفصل العنصري، الذي أنهى العلاقة بين القدس وامتدادها الطبيعي مع الضفة الغربية.

وذكر أن الاحتلال تعمَّد عزل العديد من أحياء مقدسية، ومنها العيزرية، قلنديا، كفر عقب والرام، وغيرها، وأصبحت مفصولة تمامًا عن القدس بعد أن كانت تشكل امتدادًا طبيعيًّا لمدينة القدس المحتلة.

ونتج عن ذلك مشكلات كبيرة يواجهها المواطنون في لم الشمل، وأصبحت قضيتهم معقدة على الصعيد الاجتماعي إضافة إلى تردي الوضع اقتصادي كثيرًا لمواطني ضحايا عملية الفصل العنصري، بحسب حموري.

وتابع: الاحتلال توج انتهاكاته هذه بتداعيات جائحة فيروس كورونا واستغلالها باحترافية لفرض المزيد من الإجراءات وتغير الواقع في القدس ومحيطها.

ونبَّه إلى أن العديد من التجار وأصحاب الأعمال المقدسيين، يتعرضون لخسائر وديون مالية كبيرة ستؤدي لاحقًا إلى إفلاسهم، وهذا ما يسعى الاحتلال إليه ضمن مخططات إنهاء الوجود الفلسطيني في القدس ودفع المقدسيين إلى الخروج من المدينة المحتلة.

وشدد حموري على أن الاحتلال ومن خلال جدار الفصل خلق أزمات متعددة في تنقل المواطنين، وهو يسعى إلى إذلالهم من خلال هذا الجدار مع ضمان احتياجاته الأمنية والاستراتيجية.