فلسطين أون لاين

​ملف اغتيال فقهاء

الشيفرة (45) هي كلمة السر التي تندرج ضمن صراع الأدمغة بين أجهزة الأمن الفلسطينية في قطاع غزة وأجهزة الأمن الصهيونية، وتحديداً بين جهازي الأمن الداخلي الفلسطيني وجهاز (شاباك) الإسرائيلي.

فهل نجح المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزارة الداخلية والأمن الوطني أمس في فك الشيفرة (45)؟، وما أهم الرسائل التي حملها؟

نعم، نجح المؤتمر الصحفي في فك الشيفرة (45)، ولكنه نجح نجاحًا أكبر في خلط أوراق جهاز (شاباك) الصهيوني، دون أن يقدم له معلومة كاملة كان يعتقد (شاباك) أنه سيحصل عليها، مثل: ماهية المضبوطات التي استخدمت في عملية الرصد والتنفيذ، وطبيعة مهام العملاء الـ(45) الذين اعتقلوا، والمعلومات التي حصل عليها جهاز الأمن الداخلي عن (شاباك) وآليات التجنيد والمتابعة.

فالرقم (45) يشير إلى عدد العملاء الذين اعتقلوا خلال فك شيفرة ولغز اغتيال الشهيد القائد مازن فقهاء.

أما الرسائل التي تضمنها المؤتمر الهام لوزارة الداخلية والأمن الوطني فهي متنوعة وعديدة، ولعلي أوجز أهمها بالتالي:

1. رسالة بكاء العملاء بعد فوات الأوان، وكأن العميل يبرقها لزملائه، ولسان حاله يقول: كان بإمكان جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهازه الأمني (شاباك) إنقاذنا بأي شكل من الأشكال، كما كان يعدنا بذلك الضباط الصهاينة، فلماذا لم يقم الاحتلال بعملية إنزال لإنقاذنا؟!، ولكن بعد تنفيذنا جريمة اغتيال القائد مازن فقهاء تركنا نلقى مصيرنا، وهو مصير خزي في الدنيا وعذاب أليم بالآخرة.

وهذا ديدن المخابرات الصهيونية في التعاطي مع المتخابرين والعملاء، إذ تنتهي صلاحياتهم بعد تنفيذهم المهمة.

2. رسالة قوة وعزة وكرامة من الأجهزة الأمنية في قطاع غزة بأنها تختلف عن غيرها من الأجهزة العالمية، التي طالما قيدت جرائم الاغتيال السياسي ضد مجهول.

3. صراع الأدمغة بين الأمن الفلسطيني والاحتلال وصل إلى درجات يفتخر بها كل فلسطيني.

4. رسالة إلى الشباب الذين يتلقون أوامرهم من قيادات مجهولة داخل العالم الافتراضي، بمسميات مجهولة تتقمص الشخصية التي تنسجم مع الهدف، فجاءوا للقاتل (أ. ل) متقمصين قبعة السلفية الجهادية ودفعوه إلى ارتكاب جرائم، ثم بعد أن تورط بدأ العمل بالمكشوف ليصبح قاتلًا وجاسوسًا.

5. فك #الشيفرة_45، وهي اعتقال (45) عميلًا، وهذه أكبر ضربة لجهاز (شاباك) الصهيوني، الذي أعلن في أكثر من مناسبة أنه يعاني من فقر المعلومات في غزة، بعد نجاح الأمن الداخلي الفلسطيني في توجيه ضربات متتالية إلى العملاء، لتأتي هذه الضربة التي سيكون لها ما بعدها، بتبني الداخلية سياسة جديدة تقوم على نظرية الحسم والمبادرة.

6. يسجل الاحترام لشعبنا الذي تحمل إجراءات وزارة الداخلية بعد اغتيال مازن فقهاء من إغلاق للمعابر والطرقات والبحر، وهو اليوم يجني ثمن تلك المعاناة بالافتخار بهذا الأداء والإعجاز في الإنجاز.

7. على العملاء اقتناص الفرصة واستخلاص الدروس والعبر، وتسليم أنفسهم لأجهزة الأمن في قطاع غزة والضفة المحتلة قبل أن تصل إليهم العيون الساهرة.

الخلاصة:

نحن نعيش في أرض الرباط التي لا يعمّر فيها ظالم، وبذلك يوفق الله صاحب الحق في الكشف عن الظالم، وهو ما ينعكس في نجاحات الأجهزة الأمنية بالكشف السريع عن الجرائم، لذا ينبغي أن يدرك الجميع أن نهاية الغرق في وحل العمالة هي المحاكمة العادلة التي تؤدي حسب القانون إلى القصاص، وهو ما لا يتمناه عاقل، وفي المقابل ينبغي تعزيز الوعي الأمني لدى شرائح مجتمعنا الفلسطيني حتى نشكل مناعة وحصانة من أي اختراق محتمل تحت أي ذريعة أو قبعة ترتديها أجهزة المخابرات الصهيونية، وأن نضبط كتاباتنا في العالم الافتراضي حتى لا نكون عملاء ونحن لا ندري.