فلسطين أون لاين

الناس الحلوة.. كن مثلها

...
غزة- ريما عبد القادر:

عادت الذاكرة لسنوات قد مضت حينما كنتُ طفلة صغيرة كان لي قريب، أجده دائمًا يضع في جيب ثيابه البسيطة قطعا من الحلوى زهيدة الثمن، غالية المحبة، وكان كلما وجد صديقا أو قريبا، أو حتى من لا يعرفه، وجرى بينهما حديث، تجده يقول له وهو يبتسم: "أسمعني الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"، ومباشرة يقدم له قطعة حلوى.

هذا الأمر جعل الابتسامة مباشرة تعتلي وجهه وهو يأخذ الحلوى، وفي المقابل ابتسامة ارتسمت على نبضات قلبه، وهو يشاركه الصلاة على النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.

فعل بسيط للغاية لا يكلف من المال إلا الشيء الزهيد جدًا ومع ذلك فإن مفعوله كبير جدًا من الصعب أن يقدر بالملايين حينما تزرع ابتسامة على وجه غيرك بعد أن أرهقت كاهله مشاغل الحياة المختلفة.

وإن لم تجد معك قطعا من الحلوى كن أنت الحلوى التي تسعد بها من حولك بلسانك الطيب، الذي ينبع من نهر قلبك الجميل المحب للخير لمن حولك حتى يصدق عليك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".

وإن لم تستطع أن ترتب كلماتك فاجعل ابتسامتك المشرقة هي قطعة الحلوى التي تشرق بمذاقها الحلو في أفئدة من حولك حتى ينطبق عليك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ لَكَ".

أفعال بسيطة، لكنها كبيرة التأثير، وليس ذلك فحسب، بل كبيرة الأجر ستجد ثمرتها سعادة في الدنيا، ونعيما في الآخرة.

فمهما صغر عمل الخير في نظرك أو رؤية من حولك، فأنت لا تعلم كم هو عظيم عند الله تعالى فقد تكون ابتسامتك، وكلمتك الطيبة قد أزالت جبالا من الهموم كانت تكتسي قلب فلان.

وفلان ذاته أخذ يردد اسمك في جوف الليل في سجوده، وهو يسأل الله تعالى لك أن تفتح أمامك أبواب الخير.

كثير من الأوقات تجد أبوابا من الخير فتُحت لك لم تكن تحمل مفاتيحها، وكثير من المواقف التي صرف الله تعالى بها الشر عنك، وكثير من الحفر كادت قدمك أن تنزلق بها فأسعفك لطف الرحمن الخفي.. لا تستغرب من كل ذلك فقد تكون بسبب الدعاء لك في ظهر الغيب، وأنت لا تعلم من أي إنسان قدمت له الحلوى، وابتسمت في وجهه، وذكرته بطيب الكلمات.