فلسطين أون لاين

مردة.. قرية فلسطينية هشَّمها الاستيطان وعزلها بالكامل

...
صورة أرشيفية
سلفيت/ "خاص فلسطين":

يشتكي سكان قرية مردة الواقعة إلى الشمال من مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية من غول الاستيطان الذي يخنق تحركاتهم ولا يسمح لهم بالدخول أو الخروج إلا وفق شروط قاهرة.

ويحيط الاستيطان بالقرية إحاطة السِّوار بالمعصم، فمن الجهتين الجنوبية والغربية، مستوطنة "اريئيل"، ومن الجهتين الباقيتين الشرقية والشمالية، مستوطنة تفوح وطريق استيطاني ضخم.

وتمنع سلطات الاحتلال سكان القرية (2500) نسمة، من الوصول إلى أراضيهم لفلاحتها إلا بتصريح، وفي الغالب لا يحصلون عليه، وإن تم فبعد طول عناء، وتكون لأفراد قلائل من العائلة لا تكفي للعناية بالأرض كي تواصل إنتاجها.

المهندس بسام ابداح، رئيس مجلسها القروي يقول لـ"فلسطين": إن القرية محاطة كلها بالاستيطان، وإنه عند حدوث أي اشتباه يقع في المنطقة يغلق جيش الاحتلال المدخلين الاثنين حول القرية، وتصبح سجنًا كبيرًا لا يمكن الدخول أو الخروج منه.

ويضيف ابداح: "مستوطنة اريئيل نهبت أكثر الأراضي، وما بقي منها يسمح فقط لأيام قليلة بدخولها، وبالغالب في أيام قطف الزيتون، وما عداه نادرًا الحدوث ولا يتم إلا بجهد وشق الأنفس، ولا يكفي".

عن معاناة قرية مردة وتوسيعها يتحدث: "لا يمكن التوسع العمراني للقرية في مخططها الهيكلي، وهو ما يمنع النمو الطبيعي العمراني للقرية ويبقيها محصورة ومخنوقة بالنسبة للتمدد الأفقي العمراني".

أما من جهة الغرب، فتقوم جرافات المستوطنين بأعمال تجريف، حيث تبين أنهم وضعوا أعمدة كهرباء. في حين أعلنت سلطات الاحتلال نيتها توسع شارع "عابر السامرة" كما يسمونه، وهو يعني التهام المزيد من أراضي القرية لاحقًا من الجهة الشمالية.

ويقول المزارع خليل الخفش من القرية، إن جني ثمار الزيتون خلال موسمه أو حراثة الأرض وفلاحتها قرب الشارع الاستيطاني يمثل له كابوسا، إذ إنه من الممكن أن يترجَّل مستوطن ويطلق النار عليه ومن ثم يفر هاربًا.

هذا فضلًا عن صعوبة الوصول إلى أرضه لكثرة تحركات جيش الاحتلال وقرب حقله الزراعي من مستوطنة أرئيل، ثاني مستوطنة في الضفة الغربية من حيث الحجم.

وبالنسبة إلى معاناة المرضى في القرية فلها قصة أخرى، كما يقول الخفش.

ويشرح قائلًا: "عند إغلاق قريتنا مثلًا، لا يستطيع المريض الخروج للعلاج، وحتى الأطباء باتوا بحاجة إلى موافقة أمنية لدخول قريتنا المحاصرة بين الجدار العنصري التابع لمستوطنة اريئيل، وبين البوابات والطريق الاستيطاني".

ويتحسر المزارع عبد الله المسعود على أرضه داخل مستوطنة اريئيل. ويقول: "كنا نزرعها بكل أنواع الخضار والبقوليات والحبوب صيفًا وشتاءً، والآن أقيمت فوقها مبانٍ لثاني أكبر مستوطنة، والجامعة الوحيدة في الضفة الغربية وهي جامعة مستوطنة اريئيل".

ويتساءل باستنكار: "كيف يبنون معاهد وكليات ومصانع وشقق استيطانية فوق أراضي زراعية سرقوها بالقوة، والعالم يتفرج ولا يحرك ساكنا؟!".

وإن كان الطريق الالتفافي قد سرق الأرض، فإن السير عليه يعد أكثر خطورة، فقد تعرضت المزارعة المُسِنة حمدة سعيد (74 عاما) للدهس في أثناء توجهها لفلاحة أرضها من قبل دراجة نارية يقودها مستوطن على الشارع الذي يطلق عليه الاحتلال "عابر السامرة"، وهو الشارع الذي يسلكه المستوطنون.

ويؤكد مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، أن قرية مردة هي الأكثر معاناة من جراء الاستيطان، حيث فقدت أكثر أراضيها لصالح مستوطنة اريئيل.

ويضيف أن الإنتاج الزراعي تضرر تضررًا بالغًا، وتحول مزارعو القرية لمجالات أخرى أو إلى البطالة من جراء التغول الاستيطاني.