فلسطين أون لاين

"سميرة".. في بيتها تطهو الطعام لتوزعه على محتاجيه مجانًا

...
غزة/ مريم الشوبكي:

رائحة السبانخ المطهو فوق كانون الحطب المشتعل كانت تعبق بها أرجاء الحي، في القدر الكبير أخذت سميرة أبو عمرة تقلبه بملعقة خشبية كبيرة، بعد أن تأكد لها ذبوله أضافت الحمص المسلوق وبعضًا من اللحمة المفرومة، وعاودت التحريك.

على باب بيتها البسيط اصطف أطفال يحملون قدورًا أتوا بها من بيوتهم، يمدونها لسميرة لكي تسكب لهم الطعام فيها، هكذا حتى تنتهي من جميع الكمية، في أقل من ساعة كان الأكل قد نفد واستفادت منه نحو 30 أسرة محتاجة.

تعد سميرة (41 عامًا) في معرض من الزينجو يقع في الباحة الخلفية لبيتها وجبات الطعام، بمبلغ 185 شيقلًا، أي ما يعادل 40 دينارًا أردنيًّا، وتوزعها مجانًا على العائلات الفقيرة في حي الزيتون شرق مدينة غزة.

يوما الاثنين والخميس ينتظرهما الفقراء على أحر من الجمر، ففيهما تطهو سميرة الطعام الذي تحصل على قيمته من متبرعات من الكويت، بسبب ضآلة المبلغ تعتمد معظم أكلاتها على الخضراوات الموسمية بلا لحوم، لأنها تزيد من تكلفة الطبخة، وبذلك تقلل من أعداد المستفيدين منها.

تقول سميرة التي حاولت جاهدة أن تتحدث وهي منهكة في تلبية طلبات الأطفال الذين لا يتوقفون عن مد قدورهم لها لتملأها لهم: "أصنع الطعام وأوزعه مجانًا على الفقراء بلا أي أجر، فأجري وثوابي أطلبهما من الله، الطبخ مرهق بلا أدنى شك، لأني أقضي أكثر من خمس ساعات قبل موعد الوجبة بيوم ما بين التسوق وغسل وتقطيع الخضار".

وتتابع لصحيفة "فلسطين: "في اليوم التالي بعدما أنهي أعمال منزلي أبدأ إعداد الطعام على كانون الحطب في الغالب، لأنه يضفي مذاقًا لذيذًا وأسرع في طهو الأكل، مع أن المتبرعين وفروا لي أنبوبة غاز وموقدًا وقدورًا كبيرة".

سميرة معيلة لأسرة مكونة من ثمانية أفراد، تواجه أوضاعًا معيشية صعبة، ومع ذلك آثرت أن ترسم الفرح والابتسامة على شفاه المحتاجين الذين تشاطرهم مشاعرهم، وتسكت بوجباتها صرير أمعائهم الخاوية.

وتشير إلى أن مطالبة الأسر المتعففة تزداد يومًا بعد يوم بأن تطهو لهم اللحم، ولو يومًا في الأسبوع، وهي تطمئنهم أنه بمجرد حصولها على تبرع لن تتوانى عن تلبية مطالبهم، وهذا ما سيتحقق هذه الجمعة إذ ستعد وجبة الدجاج والأرز بعد حصولها على تبرع من عدد من الأسرى خلف سجون الاحتلال.

وعلى مدار شهرين في مبادرتها تطهو سميرة البازيلاء بالطماطم، والبطاطس، والمعكرونة، والسبانخ، والفاصولياء الخضراء والبيضاء، وتضيف كميات بسيطة من اللحمة المفرومة، أو قطعًا من صدر الدجاج لتعطي نكهة للأكل.

وسعر الخضار هو الذي يحدد الكمية التي ستشتريها سميرة، وكلما كان لديها فائض في السيولة اشترت كمية أكبر من الخضار، لزيادة عدد الأسر المستفيدة من وجباتها، كما فعلت الأسبوع الماضي، إذ بلغ عددها نحو 40 أسرة.

تنجز سميرة عملية التحضير وطهو الطعام من ألفها إلى يائها، فلا أحد يساعدها لأنه لا عائد ماليًّا مقابل عملها، وترجو أن يزيد المبلغ المتبرع به، لتتمكن من توزيع الطعام على جميع الأسر في المنطقة التي تعيش بها.

وتبين أنها منذ بداية المشروع لم تتوقع هذا الإقبال من الناس على وجبات الطعام التي تعدها، وهذا منحها دافعًا كبيرًا للاستمرار في المشروع والسعي نحو توسيعه.

وتتمنى سميرة على أهل الخير تزويدها بأدوات طبخ تمكنها من طهو كميات كبيرة من الطعام وعلب لتغليفه، وزيادة التبرعات أيضًا لتستطيع إضافة اللحوم إلى وجباتها، ولتتمكن أيضًا من الاستعانة بسيدة تساعدها في إعداد الطعام مقابل عائد مالي، ولو قليلًا.