فلسطين أون لاين

​مراحل هشّة!

...
بقلم / أمل يونس

إن بعض الأوقات في حياتنا لهي عبارة عن مساحة هشة فينا، نصاب فيها بالحساسية الشديدة للأمور، و نكون فيها أضعف مما نحن عليه حقيقة.

إن هذه المرحلة هي الأشد خطورة علينا، لأننا نفقد فيها ثقتنا بأنفسنا ربما، و ربما نصل لدرجة يأس تسحبنا من ذواتنا، و ربما يخترقنا غريب، أو عابر طريق!

إن تركنا للمشكلات مع ذوينا تستفحل و تمتد إلى حيث أعمق بقعة في قلوبهم، فلنتوقع حينها الأسوأ. هذه الفترات التي نكون فيها على درجة عالية من الهشاشة، نميل بزاوية منفرجة نحو أي اهتمام خارجي، هذا الاهتمام الذي ينصب علينا ربما من غريب، فلا نحاول مقاومته، بل نتجه نحوه بقلوب منفتحة، محاولين تعويض التهميش، و ويلات العقاب، أو لنثبت للبعض بأننا قادرون على أن نحيا دونهم، و ما أشد خطر هذه المرحلة ! فلا تتمادوا بإهمالكم لمن حولكم، و لا تواصلوا التوبيخ، و التقريع على الدوام، فهذا يزيد المسافات تعمقا.

فإن خصامك لابنك لفترات طويلة سيعمل على اختراقه من قبل الغرباء، و ربما كانوا قرناء سوء، و لربما وجهه للانحراف، و إهمال دراسته، و ربما أوقعه في الهوى و الغرام محاولا الحصول على الحب أو بعضه.

و تركك هذه المرحلة في حياة ابنتك، و ربما كن الإناث هن الأشد حساسية في هذا الموضوع, يجعلهن عرضة لعابري الطرق، و يجعلهن عرضة للانحدار النفسي السيئ. و بالنسبة لوقعه على الأطفال فهو من أشد الدوافع للانعزال و تبديل السلوك للأسوأ، كما أنه ثغرة يسهل استقبال أي غريب يمر منها.

الفترات الحرجة الهشة تحتاج من يعزز بنيتها من جديد فلا تتسبب بهدم البناء بأكمله، وما يسمى بالقصص العاطفية ربما سواء للشباب أو للفتيات ربما هو نتاج لهذه المرحلة، حيث يغزو البعض القلب من منطلق ضعفه و فقدانه الحب و الاهتمام من أقرب الناس إليه، و ربما بسبب صدمة تركت خلفها فراغا، لم يجد الأهل تعبئته جيدا، و لم يضمدوا الجرح، بل تركوه يتسع.

تكمن خطورة المرحلة في خطورة نتائجها، فلربما لن ترضيك النتائج حين تتسبب بانهيار آخر للذات، و تتوالى الانهيارات و الهشاشة تزداد؛ لتصل ذروتها بسقوط النفس، حيث الندم لا يفيد في مثل هذا التوقيت.

فيا أولياء القلوب، لا تعمقوا الفجوات، و لا تزيدوا الإهمال، و لا تكسروا العزائم، و لا تظنوا أن القسوة علاج لكل شيء، فالرفق أولى وأوجب! و ما تأخذه بالرفق لا تحصل عليه بالقسوة، إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه . ولا ينزع من شيء إلا شانه ). رواه مسلم 2594.

فللرفق مواطن، و للقسوة مواطن، فلا يطغى أمر على آخر، فتنقلب الصور، و تتهشم ملامحها.