لا يتخيل عاقل أن الشرخ في الجسد الفلسطيني والذي امتد على مدار أربعة عشر عامًا يمكن أن ينتهي بين ليلة وضحاها، وعلى الرغم من العبارات المطمئنة الواردة في البيان الختامي لحوار القاهرة فإن العديد من العبارات الفضفاضة والغامضة وُضعت في سياقات لفظية تثير مخاوف المواطن الفلسطيني من استخدامها لاحقا لإعاقة الوحدة الفلسطينية أو لهيمنة طرف فلسطيني على آخر.
ربما نتفق جميعًا على مبدأ الشراكة السياسية كمدخل مهم لإنهاء الانقسام، وأن منظمة التحرير هي البيت الفلسطيني الذي يتسع للجميع، وهذا ما أشار إليه بيان القاهرة، وأن الانتخابات التشريعية هي المرحلة الأولى من انتخابات المجلس الوطني.
نقاط إيجابية مهمة أشار إليها البيان الختامي منها التزام تواريخ مرسوم الانتخابات والتعهد باحترام وقبول نتائجها وتأكيد إجرائها في القدس، وهي مطالب وطنية للكل الفلسطيني، وكذلك التوافق على تشكيل محكمة قضايا الانتخابات واستقلاليتها عن الجهات القضائية التي اختلف عليها الفلسطينيون بعيد إصدار عباس مراسيم رئاسية تمس استقلالية المنظومة القضائية الفلسطينية.
إطلاق الحريات العامة وحيادية الأجهزة الأمنية التي أكدها بيان القاهرة بحاجة ماسة إلى متابعة ميدانية تضمن عدم خرق هذا الاتفاق الذي يراقب تنفيذه كل أبناء الشعب الفلسطيني والعالم أجمع.
على الرغم من تفاؤلنا من نتائج اللقاء وقناعتنا أن حركة حماس قدمت تنازلات غير مسبوقة لصالح حركة فتح بهدف دفعها للاستمرار في إجراء الانتخابات دون توقف إلا أن بعض العبارات التي وردت في البيان والتي تصب في صالح حركة فتح تمثل قنابل موقوتة في طريق الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام.
تأكيد تولي الشرطة الفلسطينية (دون غيرها) تأمين مقار الانتخابات يثير المخاوف من عدم اعتراف سلطة رام الله بجهاز الشرطة الفلسطينية في غزة والذي لا يتبع حكومة رام الله، كما أن إحالة إفرازات الانقسام بكل جوانبها الإنسانية والاجتماعية والوظيفية والقانونية إلى حكومة ما بعد الانتخابات يعني ذهابنا ليوم الانتخابات دون توحيد المؤسسات الحكومية أو المنظومة القضائية أو الأجهزة الأمنية ودون معالجة أي مشكلة ناتجة عن الانقسام.
رغم المحاذير التي ذكرتها إلا أن الأمل لا زال معقودًا بالتوافق على معالجة الملفات العالقة، وخاصة معالجة القوانين الصادرة عن المجلس التشريعي في غزة والقوانين بمراسيم الصادرة عن عباس في الضفة طيلة السنوات الماضية.
أختم بتأكيد أهمية استمرار اللقاءات الثنائية بين حركتي فتح وحماس في الأيام والأسابيع المقبلة، فنحن بحاجة إلى تعزيز الثقة ليس بين قادة الحركتين فقط بل بين قواعد وجماهير الفصيلين في الشارع الفلسطيني وصولًا إلى وحدة فلسطينية تطوي صفحة الانقسام الفلسطيني.