فلسطين أون لاين

تحذيرات من تدهور أوضاعهم الصحية في سجون الاحتلال بسبب كورونا

تقرير أطفال الأسرى والمحررين بانتظار رواتب آبائهم لتوفير مستلزماتهم الحياتية

...
تصوير / الزميل رمضان الأغا
غزة/ جمال غيث:

وقفت الطفلة إيمان الأشقر، ذات الشعر الأحمر، لتطلق صرخات تشق حنجرتها ودموعًا تحرق خديها، متسائلة: "وين حقوق الأسير؟ الراتب حق مش مِنَّة".

واصطفت الأشقر إلى جانب عشرات أبناء الأسرى والمحررين في فعالية نظموها أمس أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة، رافعين لافتات كتب عليها "أعيدوا لنا رواتبنا، رواتب آبائنا حق وطني مشروع"، في محاولة منهم لإيصال صوتهم لكل المعنيين، احتجاجًا على قطع رواتب آبائهم.

وتشير الأشقر (9 أعوام) ابنة الأسير المحرر إبراهيم الأشقر، إلى أنها لم تتلقَّ مصروفها منذ عدة أيام بسبب قطع السلطة في رام الله راتب والدها منذ بداية عام 2019، دون إبداء أي أسباب.

وتقول الأشقر التي حضرت الاعتصام برفقة والدها وشقيقها أحمد ابن العامين: "ما إن فرحنا بالإفراج عن والدي حتى صدمنا بقطع راتبه"، متسائلة بحزن: "لماذا يقطع راتب والدي؟ ولِمَ أحرم من مصروفي؟ وهل يعلم الرئيس عن حرمان والدي من راتبه؟".

ديون متراكمة

وعلى مقربة من الطفلة يقف والدها الذي أفرج عنه في مايو/ أيار 2018 بعد قضائه سبعة أعوام في سجون الاحتلال معربًا عن استغرابه الشديد من مواصلة السلطة قطع راتبه للشهر السادس والعشرين تواليًا.

ويقول الأشقر لصحيفة "فلسطين" إن قطع راتبه زاد من تراكم الديون عليه، وجعله عرضة للمساءلة المستمرة عن موعد سداد الديون للناس، خاصة بعد أن تمكن من بناء منزل له في المحافظة الوسطي مؤخرًا، إلى جانب ديون لأصحاب البقالات والمحلات التجارية.

ويلفت إلى أن قطع راتبه حال دون توفير احتياجات أسرته المكونة من أربعة أفراد، وقال: "قطع الراتب جعل الأسرى متسولين"، داعيًا رئيس السلطة محمود عباس إلى احترام الأسرى والمحررين وإعادة رواتبهم لا أن تُقطع.

وتواصل السلطة انتهاك القانون الأساسي بقطعها رواتب مئات الأسرى والمحررين على خلفيات سياسية ووفقًا لتقارير كيدية، وهو ما يزيد من صعوبة الحالة الاقتصادية لهم، خاصة أن غالبيتهم لا يوجد لديهم أي دخل آخر.

ويتكفل قانون الأسرى والمحررين رقم (19) لسنة 2004 بحياة كريمة لهم وعائلاتهم، ويصنفهم بوصفهم شريحة مناضلة وجزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع الفلسطيني، مع تأمين مخصص شهري لهم وهم داخل سجون الاحتلال وخارجها.

حق مكفول

ويؤكد الأسير المحرر محمد أبو جلالة أن معظم المحررين يتهربون من الرد على أطفالهم الذين يطالبونهم يوميًّا بتوفير احتياجاتهم ومستلزماتهم الدراسية والحياتية بسبب قطع رواتبهم.

ويعرب أبو جلالة الذي قضى 20 عامًا في سجون الاحتلال عن استغرابه من مواصلة السلطة قطع رواتب الأسرى والمحررين، متسائلًا: "لماذا يقطع راتب الأسرى؟ وبأي ذنب؟".

وقال: إن الأسير يخرج بعد عقود من السجن ليعاقب في قوت أطفاله ويقطع راتبه، مشددًا على أن راتب الأسرى حق مكفول بموجب القانون الفلسطيني.

وأضاف: "سنتوجه إلى كل المحافل القانونية لمحاسبة كل من كان خلف قرار قطع رواتبنا، فالقرار مجحف بحق من هم ليسوا في منظمة التحرير الفلسطينية"، عادًّا قطع الراتب خدمةً مجانية للاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول النيل من صمود وتضحيات الأسرى وقتل روح النضال والجهاد في صفوف أبناء شعبنا.

وطالب أبو جلالة السلطة بإعادة رواتب الأسرى والمحررين، ومحاسبة كل من تسبب بقطع رواتبهم، مضيفًا: "كيف يعاقب الأسرى بقطع رواتبهم بعد كل ما بذلوه من أجل الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية؟".

في السياق ذاته، نظمت لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية وقفة لدعم وإسناد الأسرى أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة، رفع المشاركون فيها أعلام فلسطين وصورًا لعدد من الأسرى، ولافتات كتب عليها "الأسرى خط أحمر"، و"أين أنتم من معاناة أسرانا؟"، وأخرى تطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية لهم في السجون وخاصة في ضوء تفشي فيروس كورونا، مرددين هتافات منها "وينك وينك يا صليب شو أخبار المعتقلين؟"، و"وين دورك يا صليب؟".

أداة تنكيل

وحذر مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عوض السلطان الاحتلال من تعرض الأسرى للخطر داخل السجون بفعل تفشي فيروس كورونا، لافتًا إلى أن معاناتهم زادت خاصة المرضى الذين يعانون أمراضًا مزمنة، والمعزولين وكبار السن والنساء، وأن الاحتلال بات يستخدم الوباء أداةً جديدةً للتنكيل بهم.

وأكد السلطان، في كلمة لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية، ضرورة مواصلة دعم وإسناد الحركة الأسيرة دائمًا وتجنب الموسمية، وصولًا إلى إنهاء معاناتهم وتحريرهم، مضيفًا أن الحركة الأسيرة تريد منا أفعالًا تنسجم مع مستوى تضحياتهم ومستوى المعركة المفتوحة التي يخوضونها.

ونبه إلى ما جاء في رسالة الحركة الأسيرة إلى وفود الفصائل الفلسطينية المتحاورة في القاهرة لجعل قضيتهم أولوية وطنية والسعي بكل الوسائل لتحقيق ذلك، والاتفاق على برنامج سياسي حدُّه الأدنى وثيقة الوفاق الوطني ومخرجات اجتماع الأمناء العامين، وتحييدها عن أي تجاذبات سياسية، واحترام تضحيات الأسرى والمحررين ودعواتهم بإعادة مستحقاتهم.

وعدَّ قرار المحكمة الجنائية الدولية بالولاية القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 مهمًّا ويجب استثماره للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية بحق شعبنا وأسرانا بما يساهم في ملاحقة قادة الاحتلال وإدارة سجونه على ما ارتكبوه من جرائم ضد الفلسطينيين وأرضهم وأسراهم.

وطالب السلطان المؤسسات الدولية وهيئة الأمم المتحدة و"الصليب الأحمر" بالتدخل العاجل لحماية الأسرى والأسيرات من فيروس كورونا وتوفير اللقاحات اللازمة لهم.

وبلغ عدد الأسرى المصابين بفيروس كورونا منذ بداية تفشي الوباء نحو 400 أسير، وفق مؤسسات تعنى بشؤونهم.

ويواصل الاحتلال اعتقال نحو 4400 مواطن، منهم 41 سيدة وقرابة 170 طفلًا و380 معتقلًا إداريًّا "دون تهمة"، وفق إحصاءات رسمية.