مضى على اتفاقية باريس الاقتصادية المبرمة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي نحو (27) عاماً، ومنذ ذلك الوقت والفلسطينيين يعانون لتكريسها التبعية للاقتصاد الإسرائيلي ودورها في زيادة معدلات الفقر والبطالة، مما تسبب في ايجاد اقتصاد فلسطيني هش.
فلماذا لم تتجه السلطة إلى المحكمة الاقتصادية في الأمم المتحدة لتعديل الاتفاقية، بعد أن أعطى الاحتلال ظهره لمطالب السلطة المتكررة في هذا الجانب، كما أن الاحتلال عرقل محاولات السلطة الانفكاك الاقتصادي الأحادي الجانب.
و اتفاقية "باريس" جزء لا يتجزأ من اتفاقية أوسلو التي وقعت عام 1994 لتنظيم العلاقة الاقتصادية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي على أن تنتهي الاتفاقية عام 1999.
وذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، أن السلطة تتطلع لإعادة التفاوض حول اتفاقية باريس الاقتصادية، وذلك خلال الاجتماع المقبل المتوقع في النصف الثاني من هذا الشهر يجمع الدول المانحة في أوسلوا.
وأكد الاختصاصي الاقتصادي د. سمير أبو مدللة، أن اتفاقية باريس، ألحقت الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي، وجعلته تابعاً، ومن الصعوبة أن ينفك عنه.
أبو مدللة لصحيفة "فلسطين": إن الاتفاق كرس التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، وأعطى الاحتلال الحق في التحكم بالضرائب الغير مباشرة وجبايتها واستخدامها وسيلة ضغط.
وأضاف "أن اتفاقية باريس، مكنت الاحتلال من التحكم في حركة الصادرات والواردات بسيطرته على المعابر التجارية وهو ما ترتب عليه صعوبة التجارة بين الضفة الغربية وقطاع غزة من جانب والتجارة الفلسطينية مع العالم العربي من جانب آخر.
وبين أبو مدللة أن اتفاقية باريس عرقلت اصدار عملة فلسطينية، مما جعل الفلسطيني يتحمل تبعات تدهور العملات الأجنبية التي يتعامل بها لاسيما عملة الدولار الذي يشهد انخفاضاً حاداً هذه الأيام.
وحث السلطة على اتخاذ خطوات جدية للانفكاك عن اتفاقية باريس، وذلك عبر التوجه إلى المحاكم الدولية وعلى وجه التحديد إلى المحكمة الاقتصادية بالأمم المتحدة.
وعملت اتفاقية باريس الاقتصادية على تقدير احتياجات السوق الفلسطينية وكميات الاستيراد من البضائع والسلع بموجب اتفاق بين الجانبين وفقاً للمعايير الإسرائيلية، وعلى ضوء المعلومات والتفاصيل المتوفرة عن الاستهلاك والإنتاج والاستثمار والتجارة الخارجية والنمو السكاني والارتفاع في معدل الناتج المحلي والدخل القومي.
وعلى الرغم من وجود نص باتفاقية باريس الإقتصادية بأنها مؤقتة لمدة خمس سنوات، وأنه بإمكان أي طرف إعادة فحص الترتيبات والإجراءات الواردة بعد عام من توقيعها ووضعها موضع التنفيذ، إلا أن السلطة الفلسطينية لم تفعل ذلك نظراً لتهميشها أو أن لم يسمح الاحتلال لها بذلك.
من جهته أكد الاختصاصي الاقتصادي، د. نائل موسى، أن اتفاقية باريس نشأت بناء على اتفاقية أوسلو، وأي تغير لن يحدث لتلك الاتفاقية الاقتصادية مالم تتغير اتفاقية أوسلو.
وقال موسى لصحيفة "فلسطين": إن اتفاقية باريس ربطت التعاملات الاقتصادية الفلسطينية بالبعد الأمني، وجعلت الضرائب التي يفرضها الاحتلال على سكانه ذاتها التي تفرضها السلطة على سكانها رغم أن هناك اختلاف بين اقتصاديات الطرفين.
وأضاف أن التعديلات على اتفاقية باريس يجب أن تركز على معالجة الخلل في التحصيلات الضريبة، والغلاف الجمركي.
واستعرض موسى محاولات حكومة اشتيه للانفكاك عن الاقتصاد الاسرائيلي من جانب واحد، وكيف أنها باءت بالفشل، عبر عرقلة الاحتلال لذلك بطرق مباشرة او غير مباشرة، مما يدلل ذلك على أن الاحتلال مهيمناً على الاقتصاد الفلسطيني.
كما أشار إلى استغلال الاحتلال لأموال المقاصة التي تجيبها نيابة عن السلطة الفلسطينية في التحكم بالقرارات السياسية والاقتصادية الفلسطينية، وكيف تسبب ذلك في حدوث أزمات مالية في خزينة السلطة وانفاقها على رواتب موظفيها والنفقات التشغيلية الأخرى.
وشدد موسى على أهمية أن تدرس السلطة الفلسطينية قرارتها الاقتصادية بعناية، وأن تستشير أهل الاختصاصي قبل الإقدام على توقيع أن اتفاق ملزم ، لتفادي الأخطاء التي وقع فيها الوفد المفاوض في الإتفاقيات السابقة.