فلسطين أون لاين

إيهاب.. اختطفه الاحتلال عريسًا وصدمه قطع المخصصات أسيرًا

...
21077784_783152541865188_3602399137750144431_n.jpg
غزة/ مريم الشوبكي:

 

حزم إيهاب قبل خمس سنوات أمتعته ومعها أحلامه، وأراد أن يطير بها إلى قطر بعد أن اجتاز اختبارات التوظيف ليكون أحد المعلمين في مدارسها، على بوابات حاجز بيت حانون (إيرز) "تكلبشت" أحلامه، وتلاشت وراء قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد صدور الحكم عليه بالسجن 13 سنة.

إيهاب أبو نحل (32 عامًا) من مدينة غزة، أسره الاحتلال بعد تسعة أشهر من زواجه، كان يعمل في محل لبيع الهواتف الذكية مدة 14 ساعة يوميًّا حتى في أيام العطل الأسبوعية والرسمية، مع أنه يحمل شهادة بكالوريوس تربية إسلامية، ولكنه لم يجد وظيفة في تخصصه، ولضيق أحواله المالية أراد السفر ليعمل في الخارج، ليحقق حلمه ببناء بيت خاص به.

زوجته أماني شاركته في أحلامه ودعمته للسفر حتى يستقرا في بيت مستقل، تعثر الحصول عليه بعد أن قطعت السلطة في رام الله مخصصاته، فكانا يعيشان في غرفة ببيت عائلته المكونة من نحو عشرة أفراد، ودخله اليومي المحدود كان جزءًا منه يذهب سدادًا للديون.

أسر الاحتلال إيهاب وترك حملًا ثقيلًا من ديون زواجه في رقبة زوجته، وهي لم تستوعب بعد زجه خلف القضبان بلا سبب إلا لأنه فلسطيني، وقد سلك طريق السفر ليحسن من أوضاعه الاقتصادية التي قتلت أحلامه وسببها الحصار الإسرائيلي الممتد منذ 14 سنة.

تقول أماني لصحيفة "فلسطين": "مرت السنوات وبدأت أتأقلم مع وجعي وفقدان زوجي، وكان كل همي هو سداد ديون زواجنا من المخصصات التي رصد له بعد سجنه، مضى عامان وأنهيت الديون، ثم أردت تحقيق حلم الأمومة".

من نطفة مهربة خضعت أماني لعملية حقن بالأنابيب، تحملت الآلام وحدها، حتى وضعت مولودها سعد الذي آنس وحدتها، واتخذت قرارًا بأن تؤسس بيتًا لهما وتحقق حلم إيهاب الذي أبعده الاحتلال عن حضنهما.

تضيف أماني: "اتخذت قرار بناء البيت وحدي، حينما أبلغت إيهاب لم تسع الفرحة قلبه، مباشرة تعاقدت مع أحد المقاولين لبناء البيت مقابل شيكات مدة ثلاث سنوات بقيمة 1000 شيقل شهريًّا، ما إن بدأت بالبناء حتى حدثت الصدمة".

الصدمة الثانية حينما قطعت السلطة مخصصاته مع نهاية عام 2018م، لم يتحمل عقلها الصدمات المتلاحقة، هذه المرة نغصت عليها فرحتها بمولودها سعد الذي لم يكن بلغ عامه الأول بعد، وعرقلت حلم الزوجين ببناء بيت.

الموقف لا يسعه إلا أن تتمالك أماني نفسها، وتستعيد قوتها لتكمل مشوارًا وحلمًا خططت له مع إيهاب منذ بداية تعارفهما، مع أنها لم ترتح بعد من تسديد ديون زوجها القديمة.

لم يكن أمامها إلا أن تبيع ذهبها وتستدين مبلغًا من المال لتتمكن من أن تسد القسط الأول من تكاليف البناء، وتوقفت عن إرسال مبلغ شهري لإيهاب ليغطي جزءًا من مصاريفه الشهرية داخل السجن من ملابس وطعام.

حينما علم إيهاب قطع مخصصاته لم يستوعب وحاول عقله أن ينكر ذلك، طلب من أماني أن تراجع، ربما خطأ ما وقع وأنه ليس المقصود، ولكن أُبلِغ بأن قرارًا اتخذته السلطة بحقه ومعه عشرات الأسرى، بحسب ما تذكر زوجته.

تبين أماني أن مخصصات زوجها كانت تسد جزءًا من مصاريف عائلة والده ذات العدد الكبير، وبعد توقفها تحملت عائلته عبء مصاريفه ونفقة زوجته وطفله أيضًا.

وتشير إلى أن إيهاب طلب منها ألا ترسل له أي مبلغ مالي منذ عامين، بل توفره لسداد أقساط البيت، ومصاريف ابنهما، رغم حاجته الملحة لشراء ملابس وأغطية شتوية، ولكنه يتحجج بأنه لديه ما يكفيه ويستطيع أن يدبر نفسه في هذه المدة.

200 شيقل ما يتبقى من السلفة التي تصرفها لها الجهات الحكومية في غزة بعد أن قطعت السلطة مخصصات زوجها، والـ1000 شيقل الباقية تسد بها قسط البيت الشهري، تتحمل صعوبة الحياة وعدم مقدرتها على توفير احتياجات طفلها، في سبيل أن يصبح لها بيت يؤويها وطفلها وإيهاب بعد أن ينهي سنوات أسره.

وتختم حديثها بمطالبة السلطة بإعادة مخصصات زوجها، لتعويضهم عن سنوات عمره التي يمضيها خلف سجون الاحتلال، وعدم تحميله همًّا نفسيًّا فوق همومه، وألا يُحرم وعائلته حقهم في راتب يؤمن لهم حياة كريمة.