ما تنتظره قيادة السلطة من جون بايدن الرئيس الأمريكي الديمقراطي الجديد لا يتجاوز ما أخذته السلطة من الرئيس كلينتون أو الرئيس أوباما، وكلاهما من الحزب الديمقراطي. ربما راهنت السلطة على بايدن والديمقراطيين للتخلص من كابوس ترامب والجمهوريين الإنجيليين، لا سيما صفقة القرن، والعقوبات، ولكن الخلاص من ترامب ومن صفقة القرن لا يعني خلاص القضية من قرارات ترامب المعتمدة، ومنها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، باعتبارها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال!
المؤسف أن مجلس الشيوخ ناقش موضوع سفارة بلادهم في القدس فأيد استبقاءها فيها (٩٠) نائبًا، وأيد نقلها (٣) نواب اشتراكيين. التصويت هذا تصويت ساحق يبرز التقاء الديمقراطيين والجمهوريين على تأييد (إسرائيل) وحماية احتلالها للقدس في مواجهة المطالب الفلسطينية والدولية. القدس اليوم بقرار الكونجرس هذا هو تجسيد لقول بايدن إن إدارته لا تنوي نقل السفارة من القدس؟! ويذكر أن بايدن أيد في عام ١٩٩٥م قانون الكونجرس بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ؟!
مما تقدم يظهر لنا أن بايدن كان منسجمًا مع نفسه عندما كان عضوًا في مجلس الشيوخ، وعندما صار رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، وكذا حال الانسجام في قرارات الكونجرس بين الجمهوريين والديمقراطيين. ولكن يبدو لنا أننا نحن الفلسطينيين نعاني حالة نسيان وفقد الذاكرة، ولا نحافظ على حالة انسجام سياسي ذي مغزى بين الماضي والحاضر، وكثيرا ما نفقد توازننا في ظل الضغوط الدولية؟!
إن توجه بايدن لتجديد المساعدات المالية للسلطة، أو لفتح قنصلية أمريكية في القدس لتسهيل تعاملات الفلسطينيين لن يقدم جديدًا لم يكن موجودًا في عهد أوباما، ولن يقدم إصلاحًا لما أفسده ترامب، ولن يغير من وضع القدس. الجوهر عندهم (لإسرائيل)، والعرض للسلطة الفلسطينية؟! وبقاء السلطة عند الأعراض كان موقفًا ممتدًّا من ١٩٩٢م وما زال قائمًا حتى تاريخه، لا سيما بعد أن أسقطت فتح البندقية، وقبلت بأوسلو وبالمفاوضات. جون بايدن ليس حلًّا، وكذا ترامب لم يكن حلًّا، والحل عندنا في وحدة شعبنا وفصائلنا وليس عندهم، وهذه هي مشكلة المشكلات التي تحتاج إلى مخلص.