فلسطين أون لاين

سوسنيات 14

...
بقلم الأسير سعيد ذياب

العواطف التي لا تُرى بعين العقل هي عمياء، والعقلانية التي لا ترشدها العواطف هي خرقاء، كلاهما يسير على غير هدى رغم الاعتقاد ببصيرتهما، وتلك خدعة كبرى من خُدع الزمان، سرعان ما تستبين حقيقتهما عند الاصطدام، فاستدرِك ذلك قبل الأوان وإلا! فاحتمل صدمتك بصمت وشجاعة فأنت الجاني لا سواك يا مسكين، عندما ينقشع ضباب الانفعالات، ويهدأ هيجان المشاعر، ويزول طيف الصور القاتمة على ضياع الأماني الحالمة، فخذ من ذلك درسك الكبير: ما كان ليعطيك فيشقيك، وما حرمك إلا ليرضيك، فما منعك مما وهب، إلا ليهبك مما يكون فيه العجب، فاستعن بالله ولا تعجز حين يُضنيكَ البحث عن المآلات، ويضيقُ صدركَ من خيبات الحياة.. تَعزَّى بقول الرسول الكريم: "إن لم يكن بك علي غضبٌ فلا أبالي ولكنَّ عافيتك هي أوسع لي"، وتذكر بأن من دبَّر هذا الكون البديع هو من يدبِّرُ لك، وأنه لن يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، لكن لله في أقدارنا شؤونًا، ستدور دورة الحياة، وندور معها نُفتّش عن ذواتٍ كذواتنا لذواتنا، لن يوُقفها أحد كما_ قطعًا_ لن تتوقف من أجل أحد.

نَسعدُ من حيثُ ينتظرنا الحزن، ونحزنُ في حين نُدفعُ إلى السعد، لا ندركُ عِلّة هذهِ إلا بتلك.

ومتأخراً نعي أن السعادةَ تصنعها نفسٌ استعانت بالله وآمنت بقدرتها وجددت ثِقتها بنفسِها لتخطي كُل العثرات أولاً، وتحللت من سطوة الغير ثانيًا، مُتسلحةً بالصدقِ مع الذات وبالحب، ذلك الحُب الحقيقي الذي لا يُصدَّرُ قولًا بل يُوهبُ فعلًا، فمن رضي فله الرضا، والحُبُ زيادة، ومن سخطَ فلهُ السُخط، والبؤسُ زيادة.

من الجميل أن نحظى بأسباب السعادة، فلربما اختُصرت لنا السبل إليها، لكن الأجمل منه أن نصنع سعادتنا بأنفسنا وإن قلت أسبابها، لأنه حينها ستكون مجللة بالقناعة، مفعمة بالرضا، ومزدانة بالسلام الداخلي.

ما أجمل العيش في كنف الأحلام وقصور الأماني:

وما أمر مرارات الحياة حين تغلبنا تفاصيلها وتجبرنا على هدمها بأيدينا والوقوف على أطلالها نرقب آمالنا المحطمة بقلوب ملتاعة تتجرع سم الحسرة والألم.