نشرت كتائب الشهيد عزالدين القسام، الجناح العسمكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، تفاصيل جديدة عن حياة أحد قادتها الأوائل، والذي تعرف في محطة من محطات عمله الجهادي على القائد العام للكتائب محمد الضيف، مشيرة إلى أنه كان "المساعد الأيمن" للقائد العام.
وأوضحت الكتائب في تقرير لها، أن الشهيدهو عبد الناصر أبو شوقة، ووصفه بأنه "رجل ليس كباقي الرجال.. صدق ما عاهد الله عليه فقضى نحبه شهيدا في سبيله بعد مسيرة علم وعطاء وجهاد لم يبخل فيها بالغالي والنفيس إرضاء لوجه الله تعالى.
تفاصيل حياته وعمله الجهادي
في ذكرى رحيلك أيها القائد لن تبكي ارض فلسطين رجلا مثلما تبكيك يا أبا محمد، ستذكرك المغتصبات المحررة في قطاع غزة وان ترسل إليهما قوافل الاستشهاديين كمهدي عقل وإبراهيم فرج الله، وستذكرك مدافع الهاون وصواريخ القسام وهي تدك أمن الصهاينة وتلحق بهم الرعب والدمار.
من أسرة مهاجرة
ولد شهيدنا القسامي القائد عبد الناصر مسلم أبو شوقة في مخيم الشهداء والمقاومة مخيم البريج وسط قطاع غزة في العام 1967م في أسرة فلسطينية مهاجرة من بلدة أسدود التي احتلتها قوات الإرهاب الصهيونية عام 1948م وهذه الأسرة أسرة متواضعة عاشت على الحب والقناعة على حب الوطن وقناعة العيش ومنها خرج الأسد القسامي عبد الناصر (أبا محمد) نسأل الله تعالى أن يتقبله شهيدا، شهيدنا القائد متزوج وهو أب لأربعة أبناء ثلاثة منهم ذكور وهم محمد وبلال وبراء إضافة إلى ابنة له كما أن زوجة شهيدنا القائد حامل.
على أيدي العظماء تربى
تربى شهيدنا القائد منذ نعومة أظفاره على موائد القرآن الكريم في مسجد البريج الكبير منذ عام 1983م على يد الأساتذة العظام أمثال الشهيد القائد إبراهيم المقادمة والشيخ المجاهد أبو أيمن طه والشيخ محمد الطرشاوي والشيخ إبراهيم المزين وغيرهم من الأساتذة العظام الذين بومضات تضحياتهم يتخرج الأبطال والاستشهاديين.
درس شهيدنا القائد مرحلته الابتدائية في مدارس مخيم البريج الصامد وكذلك درس المرحلة الإعدادية في هذا المخيم وعندما تخرج من المرحلة الإعدادية انتقل في دراسته إلى مخيم النصيرات ليدرس المرحلة الثانوية في مدرسة خالد بن الوليد الثانوية للبنين وبالفعل جد شهيدنا واجتهد حتى تخرج من مدرسة خالد بن الوليد.
التحق بالجامعة الإسلامية ليكون طالبا فيها في كلية الآداب ولكن شهيدنا القائد التي ترعرعت فيه منذ الصغر معاني التضحية والفداء لم يكمل دراسته الجامعية بسبب اندلاع انتفاضة المساجد الانتفاضة الأولى، والبيئة المسلمة التي تربى فيها شهيدنا القائد جعلته مهيأ ليكون أحد المجاهدين الذين سيحملون على عاتقهم في المرحلة القادمة لواء الجهاد والمقاومة، ولشهيدنا القائد خمسة أخوة من الذكور هو رابعهم.
فارس جماعة الإخوان
انضم شهيدنا المعلم إلى الجماعة الربانية جماعة الأخوان المسلمين في العام 1984م وبحسب المصادر الخاصة فقد تم اختياره ليكون ضمن مجموعة عسكرية في منتصف العام 1987م وتحديدا قبل انتفاضة المساجد بخمسة شهور هو واثنين من إخوانه المجاهدين لم يتم الكشف عن هويتهم.
وفور اختيارهم للعمل العسكري فقد باشروا بتنفيذ عمليات الجهاد ضمن جهاز (مجد) وهو جناح كان يتبع للإخوان المسلمين قبل الانتفاضة الأولى وكان من أهم أعماله ملاحقة العملاء والقضاء على بؤر الفساد التي كانت تزرع بأيدي مشبوهة بين أبناء شعبنا الفلسطيني المرابط فقد تولى هذا الجهاز بالإضافة إلى أعمال المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين.
المجموعة العسكرية التي كانت تضم شهيدنا القائد كانت على أتم الجاهزية والاستعداد للانخراط في أعمال المقاومة حينما اندلعت انتفاضة المساجد الأولى عام 1987م وكان شهيدنا القائد (أبو محمد) يتميز بالجرأة والشجاعة وكان من أهم الرجال المبادرين في الأعمال الجهادية.
في زنازين الاحتلال
وفي تاريخ 18-6-1988م فقد شهد مخيم البريج في التاريخ المذكور مواجهة دامية مع قوات الاحتلال الصهيوني حيث تم استدراج قوة عسكرية احتلالية صهيونية إلى مسجد البريج الكبير وباشرت المجموعة التي كان ينضم إليها شهيدنا القائد عبد الناصر أبو شوقة بإلقاء الزجاجات الحارقة حينما وصلت القوة العسكرية الصهيونية إلى مسجد البريج الكبير.
في تاريخ 21-6-1988م تمكنت قوات الاحتلال الصهيوني من إلقاء القبض على شهيدنا القائد وحكم عليه في تلك الفترة 27 شهرا أمضاها في سجن غزة المركزي كان خلالها يداعب جدران الزنازين بالتسبيح وبالتحميد على هذه النعمة التي هو فيها.
وبعد خروجه من المعتقل كانت تلك الفترة تشهد بداية تكوين الجهاز العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام حيث انخرط مع إخوانه المجاهدين في صفوف الكتائب القسامية وباشر عمله فيها مع إخوانه تحفظهم رعاية الله وأمنه.
اعتقل في عام 1992م وحكم عليه تسعة أعوام أمضى منها ثلاثة أعوام وأفرج عنه في صفقة (أوسلو) في بداية العام 1995م وعندما خرج من سجنه انخرط من جديد في صفوف كتائب القسام وتحديدا في العام 1996م والكل يعرف أن هذا العام كان عاما عصيبا على حركة حماس ولكن بفضل الله تعالى لم يتعرض شهيدنا القائد عبد الناصر أبو شوقة للاعتقال.
التعذيب بسجون السلطة
وفي العام 1997م تعرف شهيدنا على المجاهدين الكبار أمثال محمد الضيف وعدنان الغول وبعدها كان شهيدنا عبد الناصر وفي هذه الفترة هو الساعد الأيمن لهم في المنطقة الوسطى، حتى اعتقل في العام 1998م على أيدي أجهزة الأمن التابعة لسلطة الحكم الذاتي وبالتحديد لدى جهاز (الأمن الوقائي) في سجن تل الاسلام.
لقي من العذاب أصنافا منوعة حيث تعرض لأساليب وحشية قذرة من التعذيب على أيدي جهاز (الأمن الوقائي) وقد كانت علامات التعذيب ظاهرة على جسد شهيدنا المجاهد القائد عبد الناصر أبو شوقة عليه رحمه الله تعالى.
كان الهدف من هذه الأساليب التعذيبية القذرة هو الاعتراف عن مكان تواجد الأسد القسامي محمد الضيف ولكن شهيدنا الصابر آثر على نفسه فلم يعترف بأي معلومة تضر بالمجاهدين وبقي في سجون سلطة الحكم الذاتي حتى بداية الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) وبذلك يكون قد قضى في سجون السلطة قرابة العامين والنصف.
يحمل راية القسام
وبعزيمته حطم القيد مع إخوانه المجاهدين وواصل عمله الجهادي في انتفاضة الأقصى المباركة حيث بدت هذه الانتفاضة مسرحا للعمل الجهادي والتحق من جديد بكتائب القسام وعمل يد بيد مع أخيه الشهيد القائد محمود مطلق عيسى رحمه الله تعالى.
بعد استشهد القائد محمود مطلق عيسى وبالتحديد في تاريخ 18-2-2002م حمل شهيدنا القائد عبد الناصر أبو شوقه لواء الجهاد وراية الحق ليكون قائد المنطقة الوسطى لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري المسلح لحركة المقاومة الإسلامية حماس.
وخلال عمله كقائد للمنطقة الوسطى كان له الذراع الطويل في العمل الجهادي حيث أشرف بصفة مباشرة على العديد من العمليات الاستشهادية الناجحة. وقد عرف شهيدنا القسامي القائد بجنديته الصادقة وقيادته الهادئة وعزيمته القوية وإرادته الجبارة.
تورط أجهزة العدو
وبعد استشهاد القائد عبد الناصر فتحت كتائب القسام تحقيقاً سريعاً في الحادث وقد توصلت إلى نتائج أولية قالت فيها أن النتائج الأولية للتحقيق في كيفية استشهاد القائد عبد الناصر أبو شوقة تؤكد تورط أجهزة العدو.
وذكر البيان التوضيحي الذي صدر عن كتائب القسام أن نتائج التحقيق الأولية أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن أجهزة العدو الصهيوني قد دبرت في تاريخ 5/2/2004م محاولة لاغتيال قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام في المنطقة الوسطى من قطاع غزة.
وأضاف البيان "أتفق شهيدنا مع أحد فلسطيني الـ48 لتجهيز مجموعة من الملابس العسكرية للمجاهدين ( أبرهولات) وقام شهيدنا مساء أمس الخميس باستلام الملابس العسكرية من هذا الشخص الذي سلم الشهيد هدية هي عبارة عن مجسم لقبة الأقصى الشريف حيث كان بداخلها عبوة ناسفة وما أن دخل شهيدنا منزله حتى قامت طائرة استطلاع صهيونية بتفجير العبوة التي كانت مخبئة في مجسم قبة الصخرة.
رحل أبو محمد.. ولمّا ترتوِ من فيض جهاده فلسطين.. رحل وودع الدنيا إلى غير رجعة.. وسلم الراية من بعده إلى رجال تربوا على يديه الطاهرتين.. فلم يطل ثأرهم لدماء شيخهم، وكانت عمليات الثأر التي وعدت بها كتائب القسام وزغردت لها مغتصبات العدو ودفع الصهاينة ثمن ما اقترفت أيديهم.