فلسطين أون لاين

لا تقلق.. لم يتأخر شيء

...
ريما عبد القادر

فلان تأخر تخرُّجه، وآخر تأخر حُصوله على الوظيفة، أما فلان لا يزال ينتظر الحصول على فيزا لسفره، وفلانة تأخر زواجها، وأخرى تأخر إنجابها، وغيرها الكثير من الأمور التي تسبُقها كلمة تأخر.

هذه الكلمة اعتاد الإنسان قولها كلما أراد شيئًا ولم يحصل عليه بالتوقيت الذي يريده، وفي الوقت ذاته تجد أن ملامح الحزن والتذمر من البعض لا بد أن تلتصق معها زفرات عدم الرضا بقول: "تأخر".

لكن السؤال الذي يراود ذهن البعض، هل بالفعل كان هُنالك تأخير بالأمر؟!

أيقِن بأن الأمر لم يتأخر، إنما لم يحن بعد وقت قدومه، فكل شيء بقدر، فالطالب لم يتأخر عن تخرجه حتى وإن تجاوز بذلك أكثر من أربعة أعوام عن موعد التخرُّج الأصلي.

قد يسأل البعض كيف لم يتأخر وكل زملائه في كُلّيته قد تخرجوا جميعًا إلا هو؟!

نعم هو لم يتأخر! قد يكون تأخَّر بمنظور من يرى أنه لا بد أن يتخرج في أربع سنوات وإن تجاوزها فهو مُتأخر، لكن حقيقة الأمر لم يتأخر إذا أخذ بالأسباب من الدراسة والمتابعة لأموره الجامعية، وقبل ذلك التوكل والاستعانة بالله تعالى، في حين أن ثمرات التخرج هي بيد الله تعالى.

قد يكون الله تعالى قدَّر له التخرج في العام الذي يتبع تخرج زملائه، فكان الخير له بذلك بأن يحصل على وظيفة أفضل من التي حصل عليها من تخرج قبله، وقد رتَّب الله تعالى ظروفها له بهذا التوقيت.

وأيضًا فلانة لم تتأخر عن الزواج؛ لأن الموعد الذي قدره الله تعالى لم يأتِ بعد، حتى وإن سبقها من هن بمثل سنها أو حتى أصغر فالله برحمته وحكمته يقدِّر لكل إنسان الوقت، والظروف التي تصلح له، ويكون ذلك خيرًا له في الدنيا والآخرة، أي أن الزواج لم يتأخر، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ".

والأمر كذلك ينطبق على كل شيء إذا أخذ الإنسان بالأسباب كأنها كل شيء، مع يقينه أنه في حقيقة الأمر أن هذه الأسباب هي لا شيء، وأن الأمر كله بيد الله تعالى، في هذه الحالة يقينًا لم يتأخر شيء.

فكلما حدث معك شيء، وإن وسوس لك شخص بأن الأمر تأخر عليك فلا تحزن، وقل في قلبك قبل لسانك: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"(القمر:49)، حيث ذكر المفسرون في هذه الآية الكريمة، أن كل شيء في هذا الكون يجري بقدر، فالله سبحانه وتعالى يبسط الأرزاق بقدر، ويضيق في الأرزاق بقدر، ينصر أقوامًا على أقوام بقدر، ينزل المطر ويمنعه بقدر، كل شيء عند الله سبحانه وتعالى مقدر موزون.