فلسطين أون لاين

​مخيم "قلنديا".. اللاجئون الأقرب إلى القدس المحتلة

...
جانب من مخيم قلنديا (الأناضول)
رام الله - الأناضول

على بعد 11 كيلو متراً شمالي مدينة القدس، بُني مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين عام 1949م، لتحتضن خيامه آنذاك 3 آلاف لاجئ طردوا من أراضيهم في القدس واللد والرملة.

ويصادف الإثنين 15-5-2017، الخامس عشر من أيار/ مايو، ذكرى "النكبة" التي حلّت على الفلسطينيين عام 1948م، عندما هاجمت قراهم "العصابات الصهيونية" واحتلت أراضيهم، وأُعلن عن قيام دولة الاحتلال

"كانت كالزلزلة، خرجنا حفاة، لا نملك سوى الملابس التي على أجسادنا"، كلمات قالها الحاج شاهر إسماعيل الخطيب (76 عاماً)، أحد سكان مخيم قلنديا، والذي عايش تفاصيل "النكبة".

ويضيف الخطيب الذي تعود أصوله لقرية "البرج" القريبة من مدينة اللد (وسط):" كنا في موسم الحصاد، نعيش بأمان وسلام، لم يخطر ببالنا أننا سنكون عرضة في يوم من الأيام لحرب أو تهجير، لكن بعد أن هاجمنا اليهود، خرجنا من منازلنا رغماً عنا".

ألم الهجرة الذي كان بادياً في عيون الحاج السبعيني، تجسد في كلماته وهو يتحدث عن المشقة التي رافقت خروجهم من قريتهم "البرج".

ومضى قائلاً:" كنا نملك من الشجاعة والنخوة والمراجل ما يكفي لأن نقف ونصمد، لكننا كنا مجردين من السلاح، لا نملك شيئاً ندافع به عن أنفسنا، ومن كان يملك سلاحاً كان مصيره الإعدام على يد الانتداب البريطاني".

وتنقل الخطيب مع والديه وإخوته في عدة قرى، إلى أن سمعوا عن إقامة مخيم قلنديا قرب القدس، فسكنت العائلة في خيمة هناك، أسوة بثلاثة آلاف فلسطيني، تجمعوا من 53 قرية مهجرة.

وبعد سنوات، تمكنت العائلة من بناء منزل لها من الصفيح، بمساعدة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).

ورغم السنوات الطويلة التي أمضاها الخطيب وعائلته في المخيم، بعيداً عن قريته "البرج"، إلا أنه يرفض مبدأ التعويض عن أرضه، وهو الحل الذي تطرحه دولة الاحتلال، بتعويض اللاجئين مادياً بدلاً من عودتهم لأراضيهم.

وخلال حديثه، أخرج الخطيب مفتاحاً قديماً كبير الحجم، ورفعه قائلاً:" أترى هذا المفتاح، هو مفتاح منزلنا في البرج قبل النكبة، الآن أحفادي يتنافسون من الذي سيأخذه مني؟".

وأضاف:" ثقوا تماماً، أنه حتى لو فنيت الدنيا ولم يبقَ عليها بشر، لن نبيع أرضنا أو نتنازل عن حبة تراب منها، هذه أرضنا وأرض أجدادنا، سنطالب فيها مهما طال الزمن أو قصر".

ويتابع:" لي 44 حفيد، إذا سألتهم من أي بلد أنتم؟ يقولون لك من البرج، ويتنافسون من يريد أخذ مفتاح بيتنا فيها، أقول لهم أخذته من جدي وأنا سأسلمكم إياه".

وقال:" لنا أرض وحق، خذوني لبلدي وسأجلس هناك في خيمة أو مغارة".

ورغم وجع النكبة وطول سنواتها، لا يزال الخطيب متشبثاً بأمل العودة، حينما قال:" سيأتي جيل يقود الأمة لبر الأمان، ونعود، إن لم نكن نحن سيعود أحفادنا".

ولم تتوقف معاناة الفلسطينيين في قلنديا على حياة اللجوء المكتظة بقصص الفقر والبطالة، بل تعدتها إلى إحاطة الجدار الفاصل الذي شيدته دولة الاحتلال، بالمخيم، بالإضافة لوقوعه قرب حاجز قلنديا الإسرائيلي، الذي يفصل الضفة عن القدس.

ورغم قرب المخيم من مدينة القدس المحتلة، عدا عن أن أصول عدد من العائلات فيه تعود لقرى فلسطينية قضاء المدينة المقدسة، إلا أنهم غير قادرين على دخولها إلا بعد عبور الحاجز، وبتصاريح من الاحتلال، وبعد عمليات تفتيش دقيقة.

ويقول السكان إن الكثيرين منهم ممنوعون من دخول المدينة المقدسة.

وبحكم قربه من حاجز قلنديا، يبقى المخيم نقطة احتكاك دائمة، ومشتعلة، حيث يشهد الكثير من المواجهات بين سكانه وقوات الاحتلال.

بدوره، يقول جمال لافي، رئيس لجنة "الخدمات الشعبية"، في مخيم قلنديا، إن المخيمات "هي أصل الحكاية، وشعلة النضال الفلسطيني".

وبين أن المخيم يشهد مواجهات شبه الدائمة مع جيش الاحتلال الذي يقتحمه مرتين أو ثلاث مرات خلال الأسبوع الواحد.

وأضاف:" يحضر الجيش لاعتقال ناشطين أو مداهمة منازل، ما يؤدي لاندلاع مواجهات مع الشبان، عدا عن أن قربه من حاجز قلنديا يجعله نقطة احتكاك دائمة".

ويشير لافي إلى أن عدد المعتقلين الفلسطينيين من المخيم يصل لنحو 220 معتقلاً، في حين يصل عدد الشهداء برصاص جيش الاحتلال إلى سبعين، 18 منهم خلال انتفاضة القدس، الحالية (بدأت منذ أكتوبر/تشرين أول 2015)، عدا عن مئات الجرحى.

وتقدّم وكالة "أونروا"، خدمات محدودة للمخيم، تتعلق بالبنية التحتية، بحسب لافي.

وتتبع اللجان الشعبية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتعمل على تمثيل اللاجئين أمام الجهات الرسمية ومع إدارة وكالة "أونروا".

ولفت رئيس اللجنة إلى أن أهالي المخيم يعانون من الفقر والبطالة، وانعدام الأمن.

ويصل عدد سكان مخيم قلنديا لـ15 ألف نسمة، وتصل مساحته لـ330 دونم (الدونم يساوي 1000 متر مربع).