فلسطين أون لاين

تقرير وعود رفع العقوبات عن غزة.. "فتح" توظف الانتخابات لحسابات حزبية

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

تزفُ قيادات على مستوى اللجنة المركزية في حركة "فتح"، ما أسمته "بشريات" بشأن رفع العقوبات التي تفرضها السلطة في رام الله على قطاع غزة، "في محاولة لتوظيف الاتفاق على إجراء الانتخابات العامة لحسابات حزبية"، وفق ما يقول مراقبون.

آخر تلك التصريحات ما أعلنه رئيس الوزراء في حكومة رام الله محمد اشتية، خلال جلسة مجلس الوزراء، أمس، شروع حكومته في "حل مشكلات" عالقة منذ سنوات تتعلق بآلاف الموظفين في قطاع غزة.

وأضاف اشتية أن حكومته بدأت في معالجة قضايا تتعلق بموظفي غزة، تشمل ملفات نحو 6800 موظف أحيلوا إلى التقاعد المالي، ووقف الخصومات على رواتب نحو 20 ألف موظف، واستكمال صرف رواتب فئة من الموظفين يعرفون باسم "تفريغات 2005".

وتعود هذه القضايا، إلى أبريل/ نيسان 2017، حينما اتخذ رئيس السلطة محمود عباس إجراءات بحق قطاع غزة، شملت تخفيض رواتب موظفي غزة، بنسبة 30 بالمئة، وإحالة الآلاف منهم للتقاعد المبكر، وبررها بتشكيل حركة "حماس" لجنة لإدارة شؤون القطاع.

تداعيات كبيرة

ويقول الخبير الاقتصادي د. سمير أبو مدللة: إن الإجراءات العقابية لا سيما التقاعد المبكر أدى إلى خفض رواتب الموظفين إلى ما نسبته 50-70%، وكذلك انخفاض أعداد الموظفين من 55 ألف موظف إلى 25 ألفًا، وهم الذين سيتلقون راتبا كاملا حسب ما أعلنه اشتية، والأعداد المتبقية أحيلت إلى التقاعد.

وأوضح أبو مدللة لصحيفة "فلسطين"، أن الإجراءات على مدار أربعة أعوام، أثرت في طبقة كبيرة من الموظفين، وانعكست عليهم، وأدت إلى انخفاض القوة الشرائية في القطاع الخاص، خاصة أنها جاءت في وقت التزام نسبة كبيرة من الموظفين قروضًا من البنوك.

وأضاف: "إن الكثير من الموظفين أصبحوا بحاجة إلى مساعدات، الأمر الذي انعكس على تعليم أبنائهم الجامعي"، مشيرًا إلى أن 70% من طلبة الجامعة لم يستطيعوا دفع الرسوم؛ ما أدخل الجامعات في أزمة عميقة، وأدى إلى تعطل 120 ألف خريج، فضلا عن حرمان قطاع غزة الوظيفة العمومية.

حد أدنى

في حين يؤكد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروفة، أن ما تخصصه السلطة لقطاع غزة من أموال الموازنة العامة تُجمع في النهاية من أموال الضرائب والجمارك المحصلة من تجار غزة، التي يساهم فيها القطاع بما لا يقل عن 110 مليون دولار شهريا، تقلص إلى حدودها الدنيا.

وقال معروف لصحيفة "فلسطين": "وفق نسبة السكان، يفترض أن يخصص 45% من الموازنة العامة لقطاع غزة، وهو ما كانت الحكومة برام الله تعلن صرفه لغزة، لكن في أكثر من حادثة، ضَحَدَ الخبراء بالأرقام ما تعلنه الحكومة، وأكدوا أنها غير صحيحة ومبالغ فيها".

ولفت إلى أن حصة القطاع الصحي، كان يفترض أن تسهم فيها السلطة بنحو 40 مليون دولار من مستهلكات ومستلزمات وأدوية وأدوات مختبرات وتحويلات علاجية، لكنه تقلص حتى وصل العام الماضي إلى 3 مليون دولار فقط سنويًا، أي أقل من 8% من المبلغ المفترض إرساله من حصة غزة.

وعدَّ معروف أن ذلك شكل من أشكال الإهمال التي عانتها غزة، فضلا عن موضوع الإجراءات العقابية بحق الموظفين، ما يؤكد حالة التنصل من المسؤولية، وعدم القيام بالحد الأدنى المفروض القيام به.

من جهته يقول الباحث في وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز الفلسطيني لحقوق الانسان د. فضل المزيني: إن العقوبات التي تفرضها السلطة على قطاع غزة تتعارض مع القانون الدولي والقانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م.

وأوضح المزيني، في حديث لـ"فلسطين"، أنه لا يجوز على الإطلاق فرض عقوبات على أهالي جزء من الوطن، وخاصة أنها فرضت بحق موظفي القطاع العام الذين يكفل القانون الأساسي حقهم في تلقي رواتب وعلاوات وترقيات.

وأضاف: إن "بعض العقوبات الأخرى من باب تقليل حصة غزة من الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، الأمر الذي انعكس على الأوضاع الصحية انعكاسًا كارثيًّا في المستشفيات والمرافق الصحية التي أصبحت تعاني عجزًا دائمًا في الأدوية والمستلزمات الطبية، ما أثَّر في صحة سكان غزة وأصحاب الأمراض الخطِرة والمستعصية، نتج عن ذلك رفع نسبة المحولين للعلاج في الخارج".

وأوضح أن ملف العلاج في الخارج، كان يشهد عرقلة وإغلاقًا للدائرة بفعل التجاذبات السياسية، كما تأثر قطاع التعليم بفترة من الفترات بهذه الإجراءات، كما حدث في جامعة الأقصى التي توقف العمل فيها لعدة شهور، كذلك عدم توفير الوقود لمحطة توليد الكهرباء في فترة من الفترات.

حسابات حزبية

من ناحيته عدّ أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، د. مخيمر أبو سعدة، حديث قياداتٍ في "فتح" والسلطة عن رفع الإجراءات العقابية عن غزة "استخدام رخيص لتوظيف الانتخابات لحسابات حزبية ضيقة".

وقال أبو سعدة لصحيفة "فلسطين": "إننا نرى تصريحات متكررة من قيادات فتحاوية على مستوى اللجنة المركزية، وتحمل بشريات إلى الشعب الفلسطيني أن العقوبات ستنتهي، وواضح أن هذا له علاقة بالانتخابات، لأن الناس مغلوب على أمرهم كـ"غريق متعلق بقشة".

وشكك المحلل السياسي، في مصداقية التصريحات حتى تصدر عن رئيس السلطة محمود عباس لكونه الذي أعلن فرض العقوبات في مارس/ أذار 2017م، مستدركا: "وحتى لو رُفِعت فإنها لن تسري بأثر رجعي، ولن يُعوَّض الناس عن الضرر الذي لحق بهم من رواتب وتقاعد مالي".

ووصف أبو سعدة الإجراءات العقابية بأنها "تمييز غير مقبول بين قطاع غزة والضفة الغربية"، مشيرًا إلى أنها انعكست سلبيا على المواطنين في القطاع، وتحتاج إلى مدة كبيرة للتعافي من آثارها.