فلسطين أون لاين

مستعينًا بكاميرا هاتف ذكي

"حكاوى عمو فؤاد" "تتسلل" إلى البيوت لتُسلي الأطفال

...
a275916e-f2cf-4b52-8779-09c6bb013e9a.jpg
رفح/ مريم الشوبكي:

 

في أحد الأيام كان الجو عاصفًا والمطر منهمرًا، و"عمو فؤاد" يركض بين شوارع رفح جنوب قطاع غزة، وأزقتها مدة ساعة، حتى وصل إلى البيت وقد ابتلت ملابسه بمياه الأمطار، حيث كان ينتظره نحو 15 طفلًا، المفاجأة والسعادة كانتا باديتين على وجوههم بعد أن ظنوا أنه لن يأتي.

نظرات الفرح أنسته تعب المشوار وبرودة الجو، على الفور ارتدى طربوشه، وأخذ مكانه متوسطًا الأطفال، ما إن بدأ سرد حكايته حتى ساد الصمت والآذان صغت إليه، مر الوقت بسرعة وانتهت القصة، وكلهم أمل في أن يعود إليهم مرة ثانية.

"حكاوى عمو فؤاد" مبادرة فكرتها انطلقت من بيت فؤاد الشيخ عيد من مدينة رفح، حينما كان يجمع أطفاله حوله كل ليلة ويسرد لهم حكاية ألفها أو قرأها، حتى يغطوا في سبات عميق.

الشيخ عيد (39 عامًا) لمعت في ذهنه الفكرة قبل شهرين عند تشديد إجراءات الوقائية للحد من تفشي فيروس كورونا وإغلاق المدارس والجامعات وكل النوادي، وتوقف الأنشطة الثقافية والفنية والمسرحية، فعرضها على صديقه الصحفي المصور رمزي الشخريت الذي شجعه فورًا على بدء تنفيذها.

أحب الحكواتي عمو فؤاد أن يدخل بحكاياته كل بيت في مدينة رفح، بكاميرا هاتف ذكي صور حلقاته في البيوت، ثم نشرها على منصات التواصل الاجتماعي وقناته في يوتيوب، التي لاقت إعجاب كثير من المتابعين.

عمو فؤاد خبرته في المسرح والفن تجاوزت 20 عامًا، يقول لصحيفة "فلسطين": "في البداية كنا نطلب من الأهالي ضيافتنا في بيوتهم لتسجيل حلقة أسبوعيًّا، اليوم صاروا هم من يطلبون زيارتهم للاستمتاع إلى الحكايات، حتى بتنا في بعض الأحيان نصور حلقتين وثلاثة في اليوم".

ويركز عمو فؤاد على أن تكون قصصه هادفة وذات مغزى، واجتماعية، تركز على دور الأنثى في المجتمع وقيمتها في الأسرة، وأنه "لا مفاضلة بينها وبين الذكر".

حكايات عمو فؤاد لم يصل صدها إلى الأطفال فقط، فهي أخذت كبار السن إلى ماضي الزمن الجميل، حينما كان الناس يلتفون حول الحكواتي كل ليلة في مقاهي غزة، يستمعون إلى قصصه وأشعاره، ولا يملون من فعل ذلك الأمر يوميًّا، فالحكواتي هو من أهم الشخصيات التراثية الترفيهية التي كان يستمد منها الناس الثقافة والعظة والعبرة.

يذكر الشيخ عيد موقفًا لشخص تجاوز من عمره 60 عامًا، طلب منه أن يروي له ولأصدقائه حكاية، واستعد على الفور للقيام بذلك بقصة تناسب أعمارهم، مشيرًا إلى أن هذا الأمر سيدفعه لأن يخصص جزءًا من مبادرته لكبار السن، ولن تكون المرة الأخيرة.

ويستهدف الحكواتي المناطق النائية في رفح، لا ينسى حينما طلب من إحدى الأسر أن يجمعوا 15 طفلًا فقط في البيت، وتفاجأ بوجود 50 طفلًا غير مجموعة من السيدات جئن ليستمعن إلى حكاياته، ومع إجراءات الوقاية والتباعد ألقى حكاية للأطفال، وأخرى بها نصيحة للكبار.

الثابت في شخصية الحكواتي عمو فؤاد هو لبس الطربوش، وفي بعض الأحيان يستعير زي الحكواتي من أصدقائه، لكنه يتمنى أن يميز شخصيته حكواتيًّا بزي ثابت، ولكن لسوء أوضاعه المالية لا يستطيع أن يفصل زيًّا على نفقته الشخصية.

ويدعو الإعلاميين ونشطاء منصات التواصل الاجتماعي إلى دعم مبادرته بترويجها، معقبًا: "رفح بها مواهب وطاقات فنية، ولكن لا يُسلّط الضوء عليها، أتمنى أن تصل حكاياتي لكل بيت، خاصة الأطفال الفقراء ومعدومي الدخل، ليس في رفح وحدها بل كل محافظات القطاع".