لما اقتربت ساعة الانتخابات يُثار الكثير من التساؤلات والتخوفات التي يطرحها المواطن أمام سير العملية الانتخابية، وهي تخوفات مشروعة، تعود لمرور 16 عامًا على الانتخابات الرئاسية ثم التشريعية وما تبعها من أحداث، ويستحضر الشارع الفلسطيني والمراقبون تداعيات الأحداث، وخاصة في ظل تكرارٍ لبعض التجارب المرتبطة بسير العملية الانتخابية السابقة، وما ترتب على الانقسام من ذلك.
لعل من التخوفات المشروعة التي تُثار خلو الضمانات المتوافرة من عدم إجراء تزوير وسير العملية الانتخابية سيرًا سليمًا، خاصة في الضفة الغريبة، نظرًا لوجود الاحتلال، وكذلك انتشار الفلتان الأمني، ووجود قوى متصارعة ستحاول إعاقة الانتخابات إذا لم تحصل على ما تريد.
الاحتلال عنصر مُعوق كبير، خاصة في ظل مطالبات من بعض الكتاب الإسرائيليين يدعون فيها حكومة الاحتلال إلى التدخل سريعًا، ومنع حركة حماس من المشاركة في الانتخابات، عبر عنها الصحفي في القناة العبرية "يوني بن مناحيم"، بالتحذير من تكرار تجربة 2006 بفوز حماس، الذي يتوقعه غالبية المتابعين، وتؤكده استطلاعات الرأي العام في الضفة الغربية، ولم ينتظر الاحتلال هذه الدعوات، بل بادر بتهديد من يتوقع ترشحهم ضمن قوائم حماس، كما حدث مع عمر البرغوثي وتحذيره من الترشح للانتخابات.
الصراع الدائر الذي بدأ مبكرًا بين أقطاب فتح بشأن الرئاسة بصفة رئيسة والقوائم الانتخابية، أثار الكثير من التساؤلات بشأن تأثيرها على عباس بالمشاركة، فدخول مروان البرغوثي في قائمة انتخابية، أو ترشحه للرئاسة يعنيان أن حظوظ عباس في الفوز ستكون صفرية، وحتى في مقابل قائمة تضم محمد دحلان، أو تحالف البرغوثي- دحلان، قد يدفعه لإيجاد أي مبرر لتأجيل الانتخابات، مع عدم سيطرته على قوائم فتح الانتخابية، الذي سيترجم لصراع علني في الضفة عند استغلال القضاء لمنع محمد دحلان من الترشح، ومن ثم مجازفة عباس في إدخال حركة فتح في صراع علني بشأن خليفة عباس.
التغيُّرات القضائية الأخيرة التي لاقت رفضًا واسعًا في الضفة الغربية، أظهرت وجود تيار فتحاويّ معارض لمحمود عباس يتسع، عبَّر عنه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح توفيق الطيراوي، بالاعتراضات على التغيرات القضائية، وهو ما فُهم أنه ما حدث سيجند ضد تيارات داخل حركة فتح، وليس فقط ضد حركة حماس في الضفة، ما أثار التخوفات بشأن هذه التغيرات المفاجئة التي صاحبت المراسيم الرئاسية.
المجتمع الدولي لم يقدم أي ضمانات فعلية لنجاح العملية الانتخابية، والأهم عدم تكرار ما حدث عام 2006، ومشاركة الرباعية الدولية في حصار حركة حماس، والحكومة العاشرة، وهو السيناريو المتوقع، سواء كانت حماس فائزة، أو شاركت في الائتلاف الحكومي وغيره.
من التساؤلات المتكررة التي تصاحب عملية توالي الانتخابات: ما مدى القدرة على استمرار العملية الانتخابية المتعلقة بانتخابات الرئاسة، خاصة إذا فازت حركة حماس، أو وقعت بعض التخوفات السابقة؟ وهو التساؤل ذاته بشأن طبيعة الانتخابات التي ستُجرى المتعلقة بالمجلس الوطني، وهل التوافق هو ما سيحكم استمرار العملية الانتخابية، الذي سيرتبط بالانتخابات التشريعية؟ وما مدى النجاح في تشكيل قائمة مشتركة بين حماس وفتح، وهي تعني تلقائيًا توافقًا وطنيًّا في شكل انتخابات، لكن في الحقيقة تحسين للوضع القائم، وتجديد للشرعيات بتوافق وطني، وتحسين الوضع القائم، وترك الأمر لمآلات الأحداث؟