فلسطين أون لاين

​هل حقق الإعلام الاجتماعي متنفسًا حقيقيًا للشباب؟

...
غزة - أسماء صرصور

الإعلام الاجتماعي يؤثر في الشباب، أم أن الشباب يؤثر في المجتمع باستخدام الإعلام الاجتماعي؟ العبارتان السابقتان صحيحتان في آن واحد، فوسائل الإعلام الاجتماعي لاقت إقبالًا شديدًا من الشباب كونها أصبحت ساحة لمناقشة كل المواضيع والمشكلات والقضايا السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية التي تؤرق الشباب والعالم من حوله.

"فلسطين" تناقش في تقريرها العلاقة بين الشباب والإعلام الاجتماعي وبالأخص موقعي فيس بوك وتويتر كونهما الأكثر انتشارًا في العالم العربي، وتستطلع رأي عددٍ من الشباب من كلا الجنسين.

هناء الجاروشة (30 عامًا)

تقول الجاروشة: إن مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الفيس بوك تحولت في وقت قياسي إلى أداة إعلامية قوية التأثير خصوصًا على فئة الشباب النشط عبر هذه المنصات، منوهة إلى أن قوة التأثير تكمن في احتوائها على محتوى مدعم بالوسائط المتعددة وتقنيات الإعلام الجديد.

وتشير إلى أن مواقع التواصل أسهمت بشكل كبير في تفعيل المشاركة المجتمعية والمناصرة والضغط والتفاعل، وفي تحقيق المسؤولية المجتمعية في حال تم استثمارها وتوجيهها بشكل جيد من قبل نشطاء مواقع التواصل.

وتبين أنها في بعض القضايا استطاعت وسائل الإعلام الاجتماعي أن تحوّل الأقوال والأفكار والتوجهات إلى مشروعات عمل جاهزة للتنفيذ، وكانت نقطة انطلاق لمبادرات شبابية أو حراك شعبي.

وتعتقد الجاروشة أن التواصل الاجتماعي عبر الشبكات الاجتماعية من أهم أدوات التغيير الاجتماعي وتأثيره يمتد إلى كل أفراد المجتمع، فالشباب من خلال مواقع التواصل يستفيد من الأنشطة والبرامج المتاحة له والمعلن عنها، ويتفاعل مع الآخرين.

وتختم بالإشارة إلى أنها شخصيًا تعلمت من وسائل الإعلام الاجتماعي المسؤولية المجتمعية، كونها استطاعت من خلالها التعبير عن أفكارها وآرائها بشيء من الجرأة المضبوطة، مشددة على أن أسوأ ما في الأمر هو ضياع حقوق الملكية الفكرية، فسرقة المحتوى المنشور دون توثيق المصدر أمر بات طبيعيًا عند رواد هذه المواقع.

أمجد السلوت (21 عامًا)

يوضح السلوت أن المحتوى المعروض عبر وسائل الإعلام يؤثر في الشباب وفي تغيير أفكار أو أساليب معينة على صعيد الواقع الشخصي لهم، مبينًا أن التأثير يقاس من خلال مدى قابلية الشخص لتبني ما يُطالعه أو يعرضه على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويشدد على أن وسائل الإعلام الاجتماعي على صعيد الواقع الحالي استطاعت إحداث فرق في القضايا المختلفة، مشيرًا إلى أن تبادلية التأثير والتؤثر تكمن في القضايا الوطنية التي يتم طرحها وتبنيها بقوة على وسائل الإعلام الاجتماعي، "ومتأثرون في قضايا أخرى نهتم بها نحن كشباب نجد أنها تتقابل مع أفكارنا ومعتقداتنا".

ساجدة أبو عودة (25 عامًا)

تؤكد أبو عودة أن وسائل الإعلام الاجتماعي لعبت دورا كبيرا وبارزا في التأثير على الشباب في كل النواحي، فلم يعد هناك حاجز أمام الشباب للتعبير عن آرائهم في فضاء الإنترنت الذي ينمو بشكل متسارع والتفاعل عليه متزايد ومستمر.

وتلفت إلى أن المستخدم هو من يحدد التأثير العائد عليه – سلبًا أو إيجابًا – فإما تكون وسيلة لضياع وقت البعض، أو وسيلة جيدة للتعبير عن آراء معينة على وجه العموم وخدمة للقضية الفلسطينية بشكل خاص وأساسي إذا تم استغلالها واستثمارها بشكل متزن ومعقول وممنهج.

وتنوه إلى أن الشباب استثمر الإعلام الاجتماعي لإيصال رسائل لكل العالم الخارجي، "ظهر ذلك واضحا إبّان ثورات الربيع العربي والحرب الأخيرة على قطاع غزة"، وفق قولها، وبصفتها ناشطة كان لأبو عودة دور في المشاركة والتغريد عبر الهاشتاقات التي تخص القضايا الوطنية والاجتماعية.

هاني راشد (27 عامًا)

يقول راشد: إن وسائل الإعلام الاجتماعي أعادت تشكيل الساحات الإعلامية، وغيرت قواعد اللعبة بدرجة كبيرة، وأتاحت مساحات واسعة للتعبير والحوار المتبادل كونها غدت جزءا لا يتجزأ من واقع الحياة.

ويوضح أن للإعلام الاجتماعي دورا كبيرا في إحياء القضايا الوطنية "ولا سيما نحن في "فلسطين، لما نعايشه من أحداث يومية وقضايا مهمة كحصار غزة وإضراب الأسرى وقضية الاستيطان وانتهاك حرمة المسجد الأقصى، فالفضل بعد الله يعود للإعلام الاجتماعي في إحداث فارق وتغيرات كبيرة في العالم العربي مؤخرا"، كما يقول.

بشرى الطويل (23 عامًا)

تنوه الطويل إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على الشباب وفق كل شخص واهتمامه بقضية معينة وكل التأثيرات إن كانت إيجابية أو سلبية تعود لوعي الشخص نفسه، مشيرة إلى أن الإعلام الاجتماعي ساهم في توفير حرية شخصية للشباب لإبداء رأيهم بطريقة توفر عليهم استجداء الاهتمام من أي جهات أخرى.

عز الدين الأخرس (23 عامًا)

يبين أن الجيل الحالي هو جيل نشأ مع وسائل الاتصال الاجتماعي، فبوابته للحياة اليوم هي هذه المواقع التفاعلية، فحتى الطفل في المدرسة يملك حسابًا عبر الفيس بوك مثلا ويتواصل مع أقرانه ويزيد تأثيرها – وسائل الإعلام الاجتماعي – مع زيادة السنوات.

ويلفت إلى أن الشباب استثمر وسائل الإعلام الاجتماعي بالتعبير عن آرائه والبحث عن المعلومات وتكوين العلاقات والاندماج في العالم، ويعزز الوعي لديهم، مؤكدًا أن الشباب عزز واقع القضية الفلسطينية بكل ملفاتها عبر الحملات الإلكترونية المنظمة.

وذكر أن التأثير هو علاقة تبادلية بين القائمين على الصفحات الإخبارية – كونه قائمًا على إدارة إحداها – والجمهور المتابع لها، فالأولى تعطي المعلومة والخبر وتركز على الأحداث التي يهتم بها الجمهور، والأخيرة تعطي ردود الفعل التي من خلالها تعرف الصفحة ما يناسبها لتعرضه عليها.

الإعلامية مرام حميد

ولرأي الاختصاص كلمة تقولها الإعلامية مرام حميد: "تساهم مواقع الإعلام الاجتماعي في تحديد اهتمامات الكثير من الشباب سواء ثقافيا أو سياسيا أو اجتماعيا"، منوهة إلى أنه في بداية انطلاق هذه المواقع كان الشباب يستخدمها للدردشة وإقامة الصداقات والعلاقات الاجتماعية.

وتستدرك حميد بقولها لـ"فلسطين": "إلا أنه ومع مرور الوقت تطورت العلاقة بين الشباب ومواقع الإعلام الاجتماعي فبدؤوا يستخدمونها في تبادل وجهات النظر والنقاش حول آخر المستجدات والمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وحشد الحملات التظاهرية والاحتجاجية".

وتلفت إلى أن مواقع الإعلام الاجتماعي نجحت في نقل الأحداث لحظة بلحظة وقت وقوعها، إضافة إلى إمكانية تبادل المعلومات ومشاركتها مع دائرة المعارف داخل مواقع التواصل الاجتماعي.

وتتابع: "كل هذه الاستخدامات لوسائل الإعلام الاجتماعي كان لها حتمًا التأثير المباشر على تحديد الشباب لاهتماماتهم واختيار الدائرة التي تناسب ميولهم سواء على الناحية السياسية أو الثقافية أو الاجتماعية أو الفنية أيضًا".

وتشير إلى أن المشكلات التي يعاني منها الشباب لم تكن وليدة وقت ظهور وسائل الإعلام الاجتماعي، وإنما ساهمت منصّات التواصل الاجتماعي بشكل كبير للشباب بإفساح الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم وجعل تلك المواقع ساحة لمناقشة قضاياهم التي كانت تنتظر متنفسًا لتخرج منه.

وتنوه إلى أن هذا كله دفع بطرح تساؤلات كثيرة حول إمكانية قيام مواقع الإعلام الاجتماعي بتحريك الشباب والتأثير في مشاعرهم والقدرة على إحداث تغيير إيجابي لصالح مطالبهم.

وأما عن تأثير الإعلام الاجتماعي على سلوك الشباب، تقول حميد: "بالتأكيد هناك تأثيرات سلبية للإعلام الاجتماعي على الشباب وسلوكهم، فرغم أن تلك المواقع تعزز الاتصال المجتمعي، إلا أن استخدامها المتواصل يؤدي إلى نوع من أنواع الإدمان المفرط الذي يقود إلى العزلة"، مضيفة: "يعاني مستخدموها من الانطوائية وتعطيهم فرصة للهروب من مجتمعهم باعتبارها عالمًا افتراضيًا ومع أشخاص غير حقيقيين إن صح التعبير".

وتبين جانبا سلبيا آخر وهو التأثير على نظرة الشباب لنفسه وليس فقط لمجتمعه، حيث تضع تلك المواقع مستخدميها تحت المجهر، وتجعلهم في محاولة دائمة للظهور بصورة مثالية وتقديم أنفسهم للعالم الافتراضي بصورة مغايرة للواقع, عن طريق نشر صورهم وأخبارهم وما يحدث في حياتهم من أحداث مهمة وينتظرون الحكم عليها من قبل أصدقائهم ما يعطي شعورًا متبادلًا بالأمان والأهمية الوهمية.

أخيرًا، تشير حميد إلى أنه حسب إحصاءات رسمية فإن الفيس بوك يفوق استخدامًا وتأثيرًا في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصةً من فئة الشباب حيث يوفر مساحة جيدة للتعبير ومناقشة القضايا المجتمعية، ويأتي تباعًا موقع تويتر الذي يشهد إقبالًا متصاعدًا.