هل بدأت فتح حملة الدعاية الانتخابية مبكرًا، أم هي في صحوة ضمير متأخرة؟ قيادات فتح تسابق بعضها بعضًا في إعلان حل مشكلات حركة فتح في قطاع غزة. الطيراوي، وعزام الأحمد، وإياد نصر، وغيرهم، صرحوا لوسائل الإعلام أن ملفات فتح في غزة: (تفريغات ٢٠٠٥، التقاعد المبكر، التقاعد المالي، صرف الرواتب بالكامل، كلها وغيرها) هي الآن على مكتب الرئيس وفي طريقها إلى الحل، ومنهم من اعتذر بأن ما حدث سابقًا في هذه الملفات كان من قضايا ترتيب الأولويات!
ما يحصل الآن في هذه الملفات أمر غريب ولا يكاد يصدق، تفريغات ٢٠٠٥م لها خمسة عشر عامًا بلا حل، والتقاعد المبكر كان في نظر قيادة فتح والحكومة ضرورة فرضتها ظروف مالية قاهرة، والغياب عن العمل بقرار استنكاف لم يكن صحيحًا، وأنصاف الرواتب التي أعطيت لغزة دون الضفة لم تكن منصفة، ولكنها نتاج معطيات موضوعية فرضت نفسها على الحكومة، ولم تكن البتة تمييزًا عنصريًّا.
فجأة وجدت قيادة فتح والسلطة أن ما كان مبرِرًا لهذه الإجراءات قبل مراسيم الانتخابات، صار غير مبرر، وخارجًا عن إطار القانون، ويجدر إحالته للجان تدرس الحلول، نعم باتت هذه الملفات قيد الحل، بحسب رؤية المتضررين منها. وهذه من بركات الانتخابات، حيث يتمكن الشعب بها من الحصول على بعض حقوقه، إذ يكون له وزن في صندوق الانتخابات.
هذا الأمر يعني أن فتح شرعت في إجراءات الدعاية الانتخابية على مستوى التنظيم لجمع أبناء الحركة حول قيادة محمود عباس. فما كان مستعصيًا على الحل أصبح قابلًا للحل، ولم تعد فتح تلتفت لما صرح به أحمد مجدلاني، أو ما صرح به غيره من القيادات المحيطة بمحمود عباس. إذن نحن لسنا أمام صحوة ضمير، بل أمام صندوق اقتراع يحسب به الفوز بالصوت والصوتين، فكيف بآلاف الأصوات من أصوات المتضررين؟ ربما كنا نريدها صحوة ضمير، لزيادة التماسك الوطني، ولكن أصحاب الملفات تهمهم عودة حقوقهم وحصولهم على المساواة، بغض النظر عن أسباب هذه الإعادة المحتملة للحقوق.