بعد مرور أيام على إصدار رئيس السلطة محمود عباس المراسيم الخاصة بإجراء الانتخابات، بدأت تصريحات قيادة السلطة وحركة فتح تأخذ منحى آخر حول إمكانية حل الأزمات السياسية الراهنة وخاصة في قطاع غزة المتعلقة بالموظفين والإجراءات العقابية الأخرى.
وفي ختام اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح الذي ترأسه عباس، أول من أمس، صرَّحت اللجنة أن عباس سيتعامل مع كل مشاكل قطاع غزة ومعالجة قضاياه بكل إيجابية، كما قررت تشكيل لجنة للإعداد ومتابعة الإجراءات تحضيرًا لعقد الانتخابات العامة في الأماكن كافة.
وفرض عباس في إبريل/ نيسان عام 2017 إجراءات عقابية على قطاع غزة بدعوى إجبار حركة حماس على تسليم القطاع لحكومة الوفاق الوطني، منها خصم 30% إلى 50% من رواتب موظفي السلطة، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري، والإبقاء على مشكلة موظفي تفريغات 2005.
الناطق باسم موظفي تفريغات 2005 رامي أبو كرش أكد أن ملف موظفي السلطة وخاصة تفريغات 2005، غير خاضع للابتزاز ولا يجوز ربطه بإجراء الانتخابات القادمة.
وقال أبو كرش خلال حديث خاص مع "فلسطين": إن "هذه القضايا حقوقية وقانونية ولا يجوز ربطها في الانتخابات لكونها مشروعة، وجاءت وفق ظروف مُعينة وأسباب أخذتها قيادة السلطة لتحقيق أهداف مُعينة".
وأوضح أن هذه الأسباب والحجج ومنها الضغط على حركة حماس للذهاب إلى مربع الوحدة الوطنية أصبحت خلف ظهور الشعب الفلسطيني، فقد سلَّمت الأخيرة موافقة خطية لعباس حول إجراء الانتخابات ورغبتها في تحقيق الوحدة.
وشدد على ضرورة "حل هذه الحقوق وإنهائها على طاولة حكومة اشتية، وعدم ترحيلها لأي حكومات قادمة كما جرى في السابق"، مطالبًا حكومة اشتية بضرورة تقديم حلول لموظفي السلطة بغزة وعدم التمييز بينهم وبين الضفة.
وأضاف "لا نريد أن نكون سلبيين وسنتعامل مع تصريحات السلطة بإيجابية، إلى حين إيجاد حلول جذرية لها"، لافتًا إلى أنهم سيجتمعون مع وفد لجنة "المركزية" الذي سيزور غزة، لتحديد طبيعة الحلول، ثم اتخاذ الخطوات المناسبة.
وتابع "قد تأخذ هذه التصريحات منحىً جِديًّا إلى حد ما، بسبب تخوفات حركة فتح من فقد آلاف الأصوات الفتحاوية في الانتخابات القادمة، ما ينعكس سلبيًّا على فرصة فوزها".
ابتزاز ودعاية
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف رأى أن ما تقوم به حركة فتح وعباس من خطوات في التعامل مع الموظفين في غزة، هي مسألة تخضع للابتزاز.
وقال الصواف في خلال حديث مع صحيفة "فلسطين": "مشكلة الأموال ونقصها التي ادّعت السلطة أنها سبب لفرض عقوباتها على غزة يدلل على أن عباس يريد ابتزاز المواطن الفلسطيني وخاصة الموظف، ويقدِّم له رشوة انتخابية وهذا أمر مرفوض".
وأضاف "أقوات الناس يجب أن لا تخضع للابتزاز ولا تكون ورقة مساومة للتصويت لصالح حركة فتح، حال جرت الانتخابات"، معتبرًا هذه الإجراءات "انتهازية واضحة".
وبيّن أن عباس رهن معالجة قضايا غزة بالانتخابات، متسائلًا: "هل سيعالجها فعلًا في حال خسرت في الانتخابات أم ستبقى كما هي عليه الآن؟".
وأوضح الصواف أنه "إذا أراد عباس معالجة القضايا، يُفترض البدء بذلك من الآن، وليس بعد الانتخابات"، عادًا ربط النتائج بالانتخابات "كلام لا قيمة له".
وبحسب الصواف، فإن عباس يسعى دائمًا لتقويض عمل أي جهة كانت تقف ضد مشروعه السياسي الهادف لتصفية القضية الفلسطينية.
كسب أصوات
هذا ما ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس د. عثمان عثمان، حيث رأى أن حركة فتح بحاجة لكسب أصوات وزيادة شعبيتها في الانتخابات القادمة، لذلك معنية بضخ تصريحات إيجابية.
وأوضح عثمان في خلال حديث مع "فلسطين"، أن هذه الوعود تكثر حاليًّا في موسم الانتخابات، لكن دون أي معلومات حول وقت تنفيذها ومدى جديتها، لافتًا إلى أن "فتح" معنية بالحفاظ على السلطة، وعدم قدوم أي طرف آخر يُعرقل النهج الذي اعتادت عليه منذ عقود.
وشكك بجدية إقدام السلطة على حل أزمات قطاع غزة جذريًّا، مُرجعًا ذلك لعدة أسباب، منها أن السلطة مرتبطة بعوامل خارجية وعربية لها علاقة بالمساعدات والدعم المُقدَّم لها.
والسبب الآخر وفق عثمان، أن العالم أجمع معنيٌّ بتدجين المقاومة الفلسطينية، ما يعني وقف المساعدات حال فوزها في الانتخابات، مشيرًا إلى أن الدعم المُقدَّم للسلطة "أموال سياسية".
وبيّن أن السلطة جزء من حلقة المعنيين بإقامة علاقات مع الولايات المتحدة لتلبية طموح دولة الاحتلال، بالضغط على قطاع غزة ومقاومته.
وشكّك في إمكانية إجراء انتخابات على مستوى المجلس الوطني "وهي الأهم" بسبب رفض "فتح" تسليم أي حزب مُعارِض لها السلطة طواعية عبر الانتخابات، لذلك ستخلق الحجج لتأجيلها، ويُقتصر الأمر على الانتخابات التشريعية والرئاسية.