فلسطين أون لاين

هبة.. "جندية" يصيبها كورونا خلال خدمتها في "الجيش الأبيض"

...
خان يونس/ هدى الدلو:

ما كانت خائفة منه قد حصل، على هاتفها المحمول وصلت رسالة بنتيجة فحصها لفيروس كورونا (إيجابية) ونقلت لقضاء مدة الحجر بعيدًا عن أطفالها وعائلتها، فقد كانت إرادة الله في إصابتها بالفيروس فوق كل شيء، مع أنها استمعت لنصيحة أبنائها اليومية بالحفاظ على نفسها في أثناء أداء واجبها الإنساني.

الحكيمة هبة الطويل (34 عامًا) متزوجة ولديها ستة أطفال، تقطن في مدينة خان يونس، لم تتقاعس يومًا عن أداء عملها مع إدراكها الخطر الذي يقع عليها وعلى عائلتها، وتجد نفسها جندية في معركة التخلص من الفيروس.

تعمل في مجمع ناصر الطبي منذ عام 2009م بقسم "جراحة نساء"، منذ بداية دخول أزمة كورونا تسربت إليها مشاعر الخوف والقلق، "ولكن من واجبي حكيمةً الاستمرار في العمل مع الجائحة التي يمر بها العالم".

وتقول هبة لصحيفة "فلسطين": "لا أخفي عليكِ حالة القلق التي تسكن قلبي تجاه عائلتي التي كانت متيقنة أن هذا واجبي نحو أبناء شعبي، ومع ذلك نصائحهم اليومية لا تغيب عن مسامعي قبل خروجي للدوام، فأحدهم يقول لي: "ماما حافظي على حالك"، وآخر: "البسي كمامتك وما ترفعيها"، و(ديري بالك على حالك أنا خايف عليك)".

كانت وما زالت تلامس التوتر على ملامح وجوههم، وتخرج من بيتها ويدها على قلبها بسبب طفلتها التي لم تتجاوز من عمرها 10 شهور، وتحاول أن تزيل هذا التوتر بالحديث معهم بأن ما تقوم به هو واجبها للحفاظ عليهم وعلى غيرهم من أبناء شعبها.

وتضيف هبة: "أطمئنهم أني ملتزمة بإجراءات الوقاية، وآخذ كل احتياطاتي، ومع ذلك كنت خائفة ومتوترة، والهواجس لا تفارق مخيلتي، خاصة أنني أتعامل مع الحالات المصابة بالفيروس مباشرة ومن نقطة الصفر".

ولكونها تتعامل مع فيروس لا تعرف طبيعته كان الأمر في بدايته "صعبًا"، وفيما بعد أصبح تعودًا من حيث تقبل الموضوع، خاصة أن الشخص الذي تتعامل معه مريض، وواجبها أن تتعامل معه.

المعقمات والألبسة الوقائية كان تستخدمها بهوس، وتتبع إجراءات السلامة بكل حذافيرها، فمنذ لحظة وصولها إلى مكان عملها تبدل ملابسها وترتدي زي العمل ومن فوقه اللباس الواقي، وعند عودتها منه تلتزم بالتعقيم وغيره.

مع ذلك تتابع هبة: "العدوى تمكنت من الوصول إليّ وأصبت بالفيروس بعد زيادة حالات الإصابة في القسم، فإرادة الله فوق كل شيء".

أعراض بدائية بدأت تظهر دفعتها لإجراء فحص “PCR” الخاص بفيروس كورونا، وظهرت إيجابية: "الحمد لله على كل شيء، فكل مخاوفي أن أنقل العدوى لأحد من أفراد عائلتي، خاصة والدة زوجي لكونها من كبار السن وتعاني أمراضًا مزمنة، ولكن بفضل الله لم يصب أحد".

تكمل هبة: "السيئ في الأمر هو أني ابتعدت عن أبنائي لأقضي مدة الحجر، وما قطع قلبي قبل خروجي من البيت هو حزن أبنائي، خاصة بعد ظهور أعراض ارتفاع درجات الحرارة، وضعف عام في الجسم، وفقدان حاسة الشم، وطلبوا مني عدم العودة إلى العمل".

وما آلمها أن طفلتها الصغيرة متعلقة بها، ولم تستطع كلتاهما البعد عن الأخرى، فكانت تضطر إلى ارتداء القناع وتتخذ إجراءات الوقاية لإرضاعها، ومع ذلك انتقلت إليها العدوى، وهذا الوجع الذي آلامها.

وتصف مدة بعدها عن بيتها وأبنائها بأصعب مرحلة تمر بها في حياتها: "قصة الحجر ذاتها صعبة جدًّا وبصعوبة تقبلتها، هذا إلى جانب الألم والوجع من الأعراض، لذلك لا يستهِن أحد بخطر الإصابة".