في الأعوام الأخيرة نشطت الدراما الفلسطينية والأفلام السينمائية، لتحمل في فحواها القضية الفلسطينية وما يعانيه الفلسطينيون من الاحتلال الإسرائيلي، فما أهميتها في إبراز هذا الواقع؟
الكاتب والسيناريست أحمد داود يوضح لصحيفة "فلسطين" أن أهمية الأعمال الدرامية تكمن من حيث تعريفها بما حدث في الماضي، وما يحدث في الحاضر من حروب عدوانية واستيطان وانتهاكات بحق الفلسطينيين على مر الزمان، وأيضًا تذكير الأجيال بحقهم في هذا الوطن، وأن المقاومة هي الحل الوحيد والأوحد لإرجاع الحقوق ونيل المطالب.
ويؤكد أن الأعمال الدرامية تفيد في توثيق كل الانتهاكات التي تحدث بحق الشعب والأرض كما توثق الانتصارات التي يحققها الفلسطينيون ومقاومتهم، وجعل قضيتهم هي القضية الأولى وفي الصدارة.
وقد تم إنتاج الكثير من الأعمال الدرامية محليًا وعربيًا، مثل: مسلسل الروح، والفدائي بجزئيه الأول والثاني -كتبه داود- ومسلسل بوابة السماء وغيرها، كما تم إنتاج مسلسل التغريبة الفلسطينية من إخراج المخرج الراحل حاتم علي والعديد من الأفلام مثل بيارة الموت، ومفترق طرق، وعين الصقر، وزمن الرجال و16 ساعة في كرم تسور وغيرها.
ويشير إلى أن الأعمال ليست كافية، بل تحتاج إلى دعم أكثر وإنتاج أضخم لتصل للعالمية التي لم تطرق أبوابها حتى الآن، خاصة في ظل التطبيع المتسارع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويوضح داود أن هناك مشاكل كثيرة، منها قلة الخبرات في شتى مجالات الإنتاج الدرامي التي يحتاج لتطوير، بالإضافة إلى قلة الإمكانات المالية وندرتها، وعدم توفر مدينة إنتاج ومعهد لتدريب الممثلين أو كليات لتخصصات الكتابة والإخراج والتمثيل والتصوير والإضاءة.
ويقول: "نسعى لتطوير ذلك رغم قلة الإمكانيات من خلال التطوير الذاتي بمشاهدة الأعمال الدرامية العربية والعالمية، والحصول على الدورات الإلكترونية واليوتيوب، وعلى صعيدي الشخصي أطوِّر نفسي في مجال التأليف والسيناريو من خلال الإنترنت والكتابة المستمرة".
بدوره، يذكر المخرج الفلسطيني حسام أبو دان أن السينما قريبة من القلب، وسهلة الوصول للناس، لذلك إظهار عدالة القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين بقوالب درامية لها دور كبير في إيصال هذه المعاناة بطريقة سلسة قريبة من القلب والوجدان بعيدًا عن تعقيدات السياسية والأخبار.
ويبين أن هناك فائدة تعود على الفلسطينيين والقضية الفلسطينية من الأعمال الدرامية التي تبرز معاناتهم، حيث تعمل على إيصال صورة حية وواقعية عن القضية والمعاناة وتوصلهم للأجيال الجديدة عبر الأعوام، وصورة صحيحة عن عدالة القضية في ظل تغوُّل دعاية الاحتلال، والأعمال الدرامية الإسرائيلية المعادية وغزوها للعقل العربي والعالمي.
وينبِّه أبو دان إلى أن هناك بعض الأعمال العربية التي أبرزت معاناة الفلسطينيين، كان أهمها مسلسل "التغريبة الفلسطينية" والذي يعد سجلًا تاريخيًّا كاملًا عن النكبة الفلسطينية وجرائم الاحتلال آنذاك.
ويضيف: "هناك حالة ضعف عام على مستوى الدراما العربية في إبراز معاناة الفلسطينيين خاصة في السنوات الأخيرة، أما محليًا فالفلسطينيون يحاولون بكل الطرق أن ينتصروا لقضيتهم فكان هناك العديد من الأعمال الدرامية التي نقلت صورة واقعية وحية عن معاناة الفلسطينيين، ولكن للأسف لم تصل للمستوى المطلوب لكثير من الأسباب".
ويتابع أبو دان: "هذه المحاولات تبشر بخير بأن ما هو قادم من أعمال سترتقي بالدراما الفلسطينية، رغم المشاكل الفنية أو التنظيمية أو الإنتاجية التي تواجه مراحل الإنتاج الدرامي، وأخرى تتعلق بالمعدات الفنية التي يمنع الاحتلال وصولها إلى القطاع، إلى جانب ضعف التمويل والتسويق".
وللسينما أهمية كبيرة داخل المجتمع، حيث يشير إلى أنها تحمل رسالة تصحيح بعض الصور النمطية الخاطئة داخل المجتمع، والنهوض بأفراد المجتمع نحو الحرية وحقوق الإنسان والنمو والازدهار، والدعوة للسلم المجتمعي والأمان.
العالمية
مدير مهرجان العودة الدولي للأفلام ومدير إنتاج مسلسل الروح إبراهيم مسلم يرى من ناحيته أن العمل الدرامي أداة نضال ولغة الشعوب التي تعبر عن هوية الشعب والارض وبالتالي تستخدم للتعرف على الثقافات.
ويقول: "نحن الفلسطينيين أحق بهذه الأعمال خاصة أننا أصحاب قضية عادلة نريد أن تصل للعالمية، ونبرهن للعالم أننا وقعنا تحت ظلم الاحتلال وبطشه وظلمه وتهويده، وللعمل على ابراز معاناة شعبنا وبطولاته أيضًا، فهي اللغة الأنجع والأقوى والحاضرة بقوة في هذه السنوات، ولا تقل أهميتها عن البندقية في مقاومة المحتل".
ويوضح مسلم أن الدراما استطاعت أن تنتقل في الأعوام الأخيرة نقلة نوعية خاصة في كميات الانتاج المتوفرة لبعض الشركات والفضائيات والمؤسسات الاعلامية، سواء في الأعمال الدرامية أو الأفلام السينمائية أو التي تتعلق بالعمل الوثائقي، وبدأت تدخل في إطار التعريف عن القضية الفلسطينية وتجسيد الواقع الفلسطيني والمعاناة من خلال تلك الأعمال.
مسلسل "روح" كان أول الأعمال الدرامية الطويلة التي يوثق فيها مسلم فترة زمنية محددة في تاريخ النضال الفلسطيني، وتوجه أيضًا لعمل الأفلام الوثائقية ولتوثيق الانتهاكات، كما يتم المنافسة فيها بالمهرجانات العربية والدولية وحصد الجوائز.
ويوضح مسلم أن العمل الدرامي يحتاج إلى تكاليف مالية عالية للحصول على جودة في العمل من كتابة سيناريو ومصاريف الانتاج والممثلين وغيرها من الاعمال الدرامية التي خلدت، والتي تعد وثيقة تاريخية للقضية الفلسطينية.
ويكمل بأن أزمة كورونا أثرت على العمل الدرامي، خاصة مع الاغلاقات الكلية واليومية، فهناك مشاهد ليلية لابد أن تصور وحالة الاغلاق تحول ذلك، واصابة العديد من الزملاء بالفيروس، واجراءات الوقاية المتبعة تعيق، مما أثرت بشكل كبير على طاقم العمل، وسرعة الانتاج خاصة أن شهر رمضان يقترب وهو الوقت الذي يتم فيه عرض المسلسلات والأعمال.