وأخيرًا أصدر الرئيس عباس مراسيم الانتخابات، صدرت المراسيم بعد ١٤ عامًا من انتخابات ٢٠٠٦م، القوانين الفلسطينية توجب إجراء الانتخابات كل أربع سنوات، الشعب فقد حقه الدستوري في انتخابات دورية ثلاث دورات ونصف، هي: (٢٠١٠، و٢٠١٤، و٢٠١٨، و ٢٠٢٠م).
هذا ولم تستقر انتخابات ٢٠٠٦م على طريق ديمقراطي إذ لم تستسلم لنتائجه فتح ورئيس السلطة، وكان الانقسام المولود الطبيعي له، دفعًا لتغول طرف متنفذ على طرف منتخب.
بعد رحلة المشاق الطويلة هذه جاءت مراسيم الانتخابات دون ضمانات قوية لالتزام الأطراف المتنفذة بها وبمواعيدها بحسب الرؤية الشعبية التي تتمنى المضي فيها إلى نهايتها بدقة وشفافية ومصداقية، كلنا يعلم أن لفتح رؤية، وللرئيس رؤية، ولحماس رؤية، ولكل فصيل رؤية، ولكن ما يجدر أن يحكمنا هو رؤية الشعب، ونصوص القانون الفلسطيني.
قبل أن يصدر الرئيس مراسيم الانتخابات أحكم قبضته على السلطة القضائية، بتعيين رئيس المحكمة الدستورية، وقد انتقدت حركة حماس هذه الإجراءات التي طالت القضاء برؤية فردية للرئيس، وعندما انتقدت حماس القرارات القضائية وضعنا يدنا على قلوبنا متخوفين من تراجع إجراءات الانتخابات، ولكن ها هي المراسيم بددت تخوفنا بعد صدورها، فهل ثمة ما يمكن أن يبعث في نفوسنا تخوفات مماثلة، أو تخوفات أصعب؟
من المبكر الإجابة عن هذا السؤال، ذلك حتى تشيع الفرحة بالمراسيم في الأنحاء والمدن والقرى، وفي نفوس الشعب، وطبقاته البعيدة عن الحزبية الفصائلية، ولكن لا بأس من التنبيه الخفيف الذي يقول إن مراسيم الانتخابات صدرت بعد تنازلات من حماس والفصائل في قضية التوازي، هذا من ناحية، وصدرت أيضًا قبل أن يحدث اختراق حقيقي ومفيد في ملفي المصالحة والشراكة، من ناحية أخرى، الأمر الذي يبعث على التساؤل القائل:
هل تشكل الانتخابات رافعة للمصالحة والمشاركة، أم تكون فعلًا يؤجج الخلافات، ويرفع من حدة الخصومة، بما قد تؤدي إليه من نتائج، أو بما قد يشوبها من تلاعب وتزييف، لا سيما إذا أجريت إلكترونيًّا بسبب كورونا؟، هذه أمور في غاية الأهمية ربما أتمكن من مقاربتها في مقالات آتية، إن شاء الله.