يعتبر القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، محمد الضيف، أبو خالد، نادر الحديث إعلامياً، فمنذ سنوات مطاردته من قبل العدو الإسرائيلي بدءاً من العام 1992، وبعد توليه قيادة كتائب القسام في العام 1994، لم يظهر في وسائل الإعلام إلا مرات معدودة جداً، كما أن وجهه غير معلوم للجمهور الفلسطيني.
وفي جميع إطلالاته الإعلامية، لم يظهر وجهه لاعتبارات أمنية، فهو أقدم مطارد فلسطيني للعدو الصهيوني، والمطلوب رقم واحد لأجهزة الأمن والاستخبارات الصهيونية كافة.
ارتبط ظهور القائد العام أبو خالد بمحطات مفصلية في العمل المقاوم. ولعل الظهور الأول له كان في تشرين الأول/أكتوبر من العام 1994، حين ارتدى الكوفية الفلسطينية، وحمل البطاقة الشخصية للجندي الصهيوني نخشون فاكسمان الذي أسرته إحدى مجموعات القسام في الضفة الغربية بقيادة صلاح جاد الله.
كان يهدف من خلال هذا الظهور إلى التمويه على مكان تواجد الخلية الآسرة، كما كان يهدف إلى الإعلان عن مطالب المقاومة بالإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في سجون العدو، وعلى رأسهم الشيخ المؤسس أحمد ياسين.
أما الظهور الثاني، فكان في خطاب مصوّر لم يظهر فيه سوى خياله. وقد وجّه فيه التحية إلى أبناء الشعب الفلسطيني، وجاء بمناسبة نجاح المقاومة الفلسطينية، التي يمثل رأسها الأول، في إرغام العدو الصهيوني على الاندحار من قطاع غزة في العام 2005، بعد أن عجزت "إسرائيل" عن دفع الثمن الأمني لضربات المقاومة التي قادها أبو خالد وإخوانه في القسام والفصائل الفلسطينية الأخرى.
خلال عدواني 2012 و2014، بُثَّت رسائل صوتية للضيف تتوعد العدو الصهيوني بالمزيد من العمليات النوعية في مواجهة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. في تلك المواجهة ظهر ما قاده الضيف من تطوير للأدوات والوسائل القتالية التي آلمت العدو الصهيوني، وكان أبرزها في العام 2012، حيث بثّ الضيف خطابه بعد أن قصفت كتائب القسام تل أبيب بأمر عسكري منه.
كما بث خطابه الصوتي في العام 2014 مع صور تنفيذ عملية ناحل عوز، التي أشرف على تنفيذها بنفسه، وتواصل مع الجنود المنفِّذين بشكل شخصي.
وقد أجرى في منتصف التسعينيات من القرن الماضي لقاءً مع صحيفة عربية عبر مراسلها في قطاع غزة، وشارك في برنامج بُثّ على إحدى أهم الفضائيات الإخبارية العربية في العام 2006.
واليوم، إن جمهور المقاومة على موعدٍ خلال الأيام القادمة مع إطلالة جديدة للقائد العام لكتائب القسام، ضمن برنامج وثائقي عن الشهيد قاسم سليماني. هذه المرة، سيكون ظهوره مختلفاً عن السابق، فلن تكون هناك صورة لخياله أو تسجيل صوتي له، ولن يتوشح بالكوفية، بل سينقل حديثه عبر الناطق العسكري لكتائب القسام أبو عبيدة، بما أجاب به أبو خالد الضيف مكتوباً.
جاءت أهمية المشاركة في الوثائقي بالنسبة إلى الضيف لإبراز عمق العلاقة التي نسجت مع قائد قوة القدس، والتي سيكشف الوثائقي تفاصيلها، كما سيتحدث عن أهمية دحر العدو في العام 2000 من جنوب لبنان، وما شكلته عملية أسر الجنديين في لبنان في العام 2006، وكيف استفادت المقاومة الفلسطينية من خلية سامي شهاب في عملية تطوير قدراتها العسكرية، وعن التواصل المباشر بينه وبين القائد قاسم سليماني والرسائل المتبادلة بينهما.
قضايا متعددة تبرز أهمية العلاقة وتاريخها بين كتائب القسام وقوة القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني سيبرزها الوثائقي، وسيتحدث عن قائد المقاومة الفلسطينية أبو خالد الضيف في إطلالة نادرة، ولكن في محطة مهمة، تحفظ للناس حقها ودورها في دعم المقاومة، وتؤكد أثر العلاقة وانعكاساتها في مراكمة القوة العسكرية للمقاومة.
ربما تعود ندرة ظهور قائد المقاومة الفلسطينية إلى أسباب تتعلق بواقعه الأمني، نتيجة المطاردة المتواصلة له منذ أكثر من ربع قرن، ولكن في تقديري، إن ذلك يرتبط بموقع الرجل كقائد عام لكتائب القسام، التي ظل لسنوات طويلة قائد ركن عملياتها، فكل العمليات العسكرية لكتائب القسام كانت بإشراف مباشر وميداني منه، كذلك انشغاله بالإشراف المباشر على قيادة ركن التصنيع العسكري ومتابعة أدق تفاصيله، حتى وصل إلى ما وصل إليه من قدرة عالية على إنتاج الوسائل القتالية في مواجهة العدو.