فلسطين أون لاين

الأهالي يُلحِقون أبناءهم بها لضمان المحافظة على مستواهم

المراكز التعليميَّة تنشط بغزة.. وجهة للطلبة مع الدراسة الإلكترونية

...
جانب من إحدى الدروس في المراكز التعليمية الخاصة
غزة/ يحيى اليعقوبي:

 

بوجه مصفر وجسد متعب جلست الطالبة غدير عاشور في ساحة المركز التعليمي الخاصة، ما لبثت أن أطلقت زفرات راحة في الهواء، وأفرغت حمولة الحقيبة من كتب مواد متعددة على الطاولة تريد من معلمة أحد المراكز في غزة تبسيط شرح دروسها الإلكترونية لمواد العلوم والتكنولوجيا واللغة العربية واللغة الإنجليزية. لم تستطع هي ولا والدتها فهمها جيدًا، كما تقول.

تحمل هذه الطفلة هاتفًا ذكيًا اضطرت عائلتها لشرائه للتعامل مع متطلبات التعليم الإلكتروني، ومع أنه كان مساعدا في تسهيل التواصل مع معلماتها، فإنه لم يغنها عن الجلوس والاستماع من المعلمة مباشرة، فلجأت إلى معلمة مركز تعليمي للتعويض عن "تلك الحلقة المفقودة بين التعليم الإلكتروني والوجاهي" نتيجة تعطل الدراسة إجراءً احترازيًا لوقف انتشار فيروس كورونا.

التعب يرسم طريقه في قسمات وجهها، لم تفلح ابتسامتها العريضة في إخفائه، بعد أن بدأت بالحديث وإخراج صوتها الخافت وكأنَّها تشده بحبل: "اليوم شعرت بالتعب فأمامي عدة تكليفات، ولم أستطع فهم الدروس، لذلك حضرت إلى المركز كي أفهمها".

فتحت غدير صفحات الكتاب الأول، في حين بدأت المعلمة تشرح الدرس، وهي واحدة من عشرات الطلاب الذين لجؤوا لهذه الطريقة للمحافظة على مستواهم التعليمي.

أحد المراكز في غزة كانت غرفه الصفية الأربع تضم نحو ثمانية طلاب في كل واحدة منها، في داخل إحداها تنصت راما سلمان وهي طالبة بالتوجيهي "الفرع العلمي" بكل حواسها لشرح المعلمة لمادة الكيمياء على السبورة، يرسم الارتياح طريقه بين كلماتها قائلة: "الآن ندرس ثلاثة أيام أسبوعيا في المدرسة، أي أن وقت الدراسة قليل، فضلا عن خوفك من انتقال العدوى لك، هنا أجد الوقت الكافي لاستقبال الشرح، وفهم المادة كاملة".

الطالب كمال أبو دية، الذي يتلقى شرح دروس أربع مواد من المركز، يزيد على كلام راما: "هنا بإمكاني توجيه الأسئلة بشكل أفضل، خاصة الآن نعاني ضغطا كبيرا بالمدرسة".

المعلمة صابرين أيوب توقفت قليلا عن شرح المادة، تدخل في أجواء الحديث، معلقة: "نحاول تخفيف الأزمة الحاصلة، من خلال الأنشطة الإضافية، فنقدم المنهاج المدرسي مع أسئلة إثرائية، وعقد امتحانات دورية، بالتالي يصبح هناك تثبيت للمعلومات بشكل أكبر".

أرسلت أم إسلام النخالة أبناءها الأربعة إلى مركز، ونفضت عن كاهلها حمل متابعتهم، سبقت نبرة صوتها كلمات عبرت فيها عن صعوبة متابعتهم: "تختلف المعلمة عن الأم، فهي صبورة أكثر منا، بالتالي تخفف الأعباء الملقاة علي (...) أرسلتهم كي يفهموا دروس المنهاج بشكل أفضل، خاصة مواد الرياضيات واللغة الإنجليزية حتى لا تضيع عليهم السنة".

امتلاء القاعات

"مع تعطل الدراسة وتركيز وزارة التربية والتعليم على التعليم الإلكتروني (عن بعد) بدأ الأهالي يتوافدون إلينا، وأصبح هناك ضغط على المركز، القاعات والجداول ممتلئة طيلة أيام الأسبوع" .. تلقي يسرى أبو جمعة مديرة أحد المراكز في حديثها مع صحيفة "فلسطين" نظرة على الوضع التعليمي.

تقول أبو جمعة: إن "بعض الأهالي لم يستطيعوا المواكبة مع أولادهم ربما لأنهم لم يصلوا لمستوى عالٍ من التعليم، أو لانشغالهم بمتطلبات الحياة اليومية، ووجود عدد من الأبناء في  الدراسة، وأمر آخر يتعلق بالفروق الفردية وعدم قدرة بعض الطلاب على استيعاب الشروح الإلكترونية".

منذ الثامنة صباحًا حتى الرابعة مساءً تنشغل قاعات مركزيها بالكامل، "نشرح الدروس أولا بأول، نعطي أمثلة وشروحات كاملة ونقدم طرق تعليم حديثة عبر التعلم النشط، وذللنا العقبات للطلاب في التعليم الإلكتروني فنحرص أن يفهم الطالب وليس حل بطاقات العمل".

في مركز تعليمي آخر بمدينة غزة، يجلس إسماعيل الأطبش وزوجته وابنهما، جاء الأبوان للاستفسار عن مستوى ابنهما بالصف العاشر بعد شهر من التحاقه، ينطلق الخوف من فمه: "لا أخفي عليك، تأثر ابني بالتعليم الإلكتروني ومستواه في انخفاض، أرسلته هنا فقط للمحافظة على مستواه، بالتأكيد لا يمكن للمركز تعويض المدرسة، لكننا أمام وضع طارئ".

يعلق مدير المركز أحمد زعبوط على كلام الأطبش، قائلا: "الأهالي يخافون على مستقبل أبنائهم، فيحرصون على عدم انخفاض المستوى (...) هنا ونتيجة كثرة إقبال الطلبة، نستقبل الدارسين في المرحلة الثانوية، أما المراحل الأخرى فنستقبلهم حسب الظروف الصحية العامة".

وكانت وزارة التربية والتعليم في غزة أطلقت قناة ومرئية "روافد التعليمية" تجريبيًّا على البث الأرضي الرقمي في قطاع غزة، في ظل ظروف جائحة كورونا وتعطل الدوام المدرسي واعتماد أساليب مختلفة في التعليم عن بُعد؛ كالصفوف الافتراضية، والمواد المطروحة عبر بوابة روافد التعليمية الإذاعية وصفحة فيسبوك.

المصدر / فلسطين أون لاين