فلسطين أون لاين

تقرير أحياء القدس المعزولة.. بيئة مكتظة ومهمَّشة تتحول لقنبلة موقوتة

...
صورة أرشيفية

منذ احتلال شرقي القدس عام 1967، رسمت سلطات الاحتلال سياساتها على أساس تهميش الأحياء الفلسطينية، وتقييد البناء، وإيجاد بيئة طاردة للسكان، بهدف تحقيق أغلبية يهودية في المدينة، وفق منظمات حقوقية.

وشكَّل الجدار العازل منذ البدء في إقامته عام 2002، أداة قهرية لتحقيق هدف تفريغ المدينة، وبالفعل حدثت هجرة واسعة إلى جيوب تتبع إداريًّا بلدية الاحتلال في القدس، عَزَلَها الجدار عن المدينة.

ويقول مقدسيون إن سبب هذه الهجرة "الداخلية"، هو انخفاض أسعار الشقق السكنية في المناطق الواقعة خارج الجدار، قياسًا بمناطق القدس الداخلية، ورغبة السكان في ذات الوقت، بالحفاظ على بطاقة الهوية المقدسية التي يحملونها، وعدم منح سلطات الاحتلال الذريعة لسحبها، في حال غادروا حدود سلطة البلدية الإسرائيلية.

وفي العقدين الماضيين شهدت تلك المناطق وخاصة حي كفر عقب، ومنطقة شعفاط، شمال وشرق المدينة اكتظاظًا سكانيًّا وبناء أفقيًّا عشوائيًّا، وحالات الفوضى والفلتان وتكرار حوادث القتل.

قُتل أول من أمس ثلاثة فلسطينيين وأصيب آخرون وأحرقت محلات تجارية في شجار عائلي في بلدة كفر عقب.

وحسب تقارير منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، فقد أجرت سلطات الاحتلال فور احتلال القدس إحصاءً لسكان المناطق التي ضمتها، ومن كان حاضرًا مُنح مكانة "مقيم دائم" في (إسرائيل) وهي مكانة تُمنح للمقيمين الأجانب.

وتقول المنظمة إن سكان المناطق المعزولة يدفعون الضرائب لكن بلدية القدس الاحتلال ومختلف الوزارات الإسرائيلية، تمتنع عن الدخول إلى هذين الحيَّين (كفر عقب وشعفاط) وتتجاهل سكانها تجاهلًا مطلقًا.

وحوَّل الاكتظاظ السكاني وغياب الأمن وسلطة القانون تلك الضواحي إلى برميل بارود قابل إلى للانفجار في أي لحظة، بحسب المراقبين.

استدعاء الأمن الفلسطيني

وقال رئيس بلدية كفر عقب عادل عوض: إن الحل لحالة الفوضى في الحي هي "وجود دائم لأجهزة الأمن الفلسطينية".

وأضاف في حديث خاص لوكالة الأناضول أنه على خلفية أحداث السبت، تم استدعاء الأجهزة الأمنية لضبط الوضع وردود الأفعال، وبالفعل وصلت وتمكنت من السيطرة وحفظ الأمن.

واستحدثت السلطة الفلسطينية، بلدية كفر عقب عام 2017، للمساعدة في التغلب على المشكلات التي تواجه السكان رغم تبعية المنطقة لحدود البلدية الإسرائيلية في القدس.

ولا يُسمح للأمن الفلسطيني بالدخول لأحياء القدس، إلا بتنسيق مسبق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وحسب رئيس البلدية، تساعد الوجوه العشائرية في تطويق الأحداث الدامية التي يشهدها الحي بين الحين والآخر.

وأشار عوض إلى أن المنطقة التي يقطنها قرابة 120 ألف فلسطيني في بضعة كيلومترات قليلة، بحاجة ماسة إلى الكثير من الاحتياجات.

وقال: إن الفلسطيني المقدسي يعاني ظروفًا اقتصادية صعبة، "فبدل نصف مليون دولار هو سعر الشقة السكنية داخل الأحياء العربية في القدس، يضطر لشراء الشقة بـ100 و150 ألفًا خارج الجدار".

سكان غير مرغوب بهم

من جهته، يقول المحامي والخبير القانوني المقدسي معين عودة: إن سلطات الاحتلال قررت سنة 1967 توسيع حدود بلديتها "لتضم أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية الفارغة شرقي القدس".

وأوضح أن هذا حصل لحي كفر عقب شمالي المدينة، بهدف توسيع مطار قلنديا الذي كان قائمًا في حينه، وتحويله لمطار دولي.

وذكر أنه حسب القانون الإسرائيلي فإن كفر عقب تتبع إداريًّا وتنظيميًّا وأمنيًّا لسلطات الاحتلال، مشيرًا إلى أنه وبعد بناء الجدار تم إهمال المنطقة خدماتيًّا وشرطيًّا، ولا أحد يتدخل هناك، ما أدى إلى ضعف شديد في الخدمات وتردي الوضع الأمني.

وبدأت سلطات الاحتلال في إقامة الجدار العازل في محيط القدس عام 2002 وانتهت منه عام 2016، وهو على شكل ألواح من الخرسانة المتراصة بارتفاعات مختلفة تلامس في بعض المناطق المساكن الفلسطينية.

وفي عام 2004 أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي، رأيًا استشاريًّا بعدم قانونية الجدار؛ نظرًا لتشييده على أراضٍ فلسطينية محتلة.

ضغط سكاني وسوء خدمات

ولفت المحامي المقدسي عودة، إلى أن جيش الاحتلال وأجهزة المخابرات تتدخل فقط لاعتقال فلسطينيين تتذرع بأنهم يهددون أمن (إسرائيل)، ومن ثم زادت بقية المشكلات.

وقال: إن الضغط السكاني الكبير المناطق المهمشة حوَّلها إلى منطقة مليئة بالمشكلات وسوء الخدمات.

أما عن دور السلطة الفلسطينية، فقال: إن المنطقة تتبع رسميًّا لبلدية القدس "وهذا يمنعها من العمل إلا بتنسيق مع السلطات الإسرائيلية".

وأضاف: "رغم الحصول على قرارات من المحاكم، عمدت (إسرائيل) إلى التسويف والإهمال للمنطقة، وما حدث اليوم نتيجة حتمية لسلسلة تراكمات، وقابل للتكرار".

ووفق منشورات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة، التابع للأمم المتحدة، فإن الجدار يفصل ماديًّا بعض التجمعات السكانية الفلسطينية في القدس الشرقية عن مركز المدينة، وخاصة تجمعي كفر عقب ومنطقة مخيم شعفاط.

وحسب تقديرات المكتب الأممي لعام 2016، يبلغ عدد سكان هذه المناطق نحو 160 نسمة.

المصدر / فلسطين أون لاين