يؤكد محللان سياسيان أن نجاح المصالحة الفلسطينية يعتمد على حركة فتح ورئيسها محمود عباس، وإذا ما كانت ستمنح حركة حماس القدرة على التحكم بكل جزئيات المشهد السياسي عند فوزها في الانتخابات، وسط آمال بأن تكون المصالحة الخليجية لمصلحة الفلسطينيين، وتصويبًا للموقف العربي وليس عزلهم ومحاصرتهم سياسيًّا.
ويعتقد المحللان في حديثهما لصحيفة "فلسطين"، أن الفرصة قد تكون مواتية لأن يشهد الرأي العام الفلسطيني هذا العام إعلانًا بوأد الانقسام الفلسطيني في ظل ظروف إقليمية ودولية تخدم المصلحة الفلسطينية أكثر من السابق.
ويرى المحلل السياسي تيسير محيسن أن رسالة رئيس حركة حماس إسماعيل هنية كسرت الجمود الذي واكب جولة المصالحة الأخيرة في القاهرة نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بسبب إصرار حركة فتح على توالي الانتخابات مقابل إصرار حماس والفصائل بانتخابات متزامنة.
وقال: "رسالة حماس حطمت هذا الجمود، ولكن لا ندري هل هذا ما كان المطلوب لتتقدم مسيرة المصالحة؟ وهل هو الموقف الأوحد الذي عثر مسار المصالحة أم أنه تصحيح لتعقيدات المشهد في سياق الوصول لمصالحة شاملة وترتيب البيت للفلسطيني وإنتاج توافق شمولي على برنامج موحد يتبناه الكل الوطني من أقصى اليسار لليمين".
وأكد محيسن أن موقف "حماس" لم يكُن العقبة الكأداء أمام هذا المسار، فهناك جملة من العقبات الأخرى التي تعقد مشهد المصالحة، "فالبعد الأوسع في الحالة السياسية الفلسطينية أنها جزء من المشهد الإقليمي الذي يشهد تفاعلات على أرض الواقع من الاستعداد لتسلم إدارة أمريكية جديدة تعتمد في العمل السياسي على رؤية سياسية تختلف في بعض آلياتها عن إدارة ترامب".
وقال: "من ضمن هذا المشهد السياسي أن النظام العربي بدأ يتساوق مع طبيعة تفكير الإدارة الأمريكية الجديدة التي يمثلها جو بايدن، وجاء المصالحة الخليجية في مقدمة مخرجات هذا التفكير، إلى جانب استعداد بعض الدول لتقديم ضمانات الوصول لانتخابات فلسطينية تنهي الانقسام".
وأكد محيسن أن هناك رزمة سياسية كاملة تتبلور في المنطقة ولا يمكن أن تصل لمبتغاها إلا بوجود حالة الفلسطينية متماسكة ذات مرجعية واحدة.
وأضاف: "إتمام مسار ترامب بإغلاق ملف القطيعة بين العرب و(إسرائيل) كاملًا يقع ضمن تلك الرزمة، وهذا الأمر يستدعي تماسك الحالة العربية الداخلية، ومن ضمنها حل الخلافات الداخلية كي لا يبقى أي مؤشر سلبي أو عراقيل تحول دون توجه دول وازنة كالسعودية للتطبيع مع الاحتلال".
وعد محيسن الفلسطينيين ترسًا صغيرًا في الماكنة الدولية التي تدير المنطقة وتنظر لإنتاج حالة سياسية كاملة للشرق الأوسط عنوانها بأن بقاء (إسرائيل) عدوًّا لن يكون مقبولًا في 2021.
وبين أن نجاح المصالحة يعتمد على ما إذا كانت حركة فتح ورئاسة السلطة سيسمحون بإعطاء حماس القدرة على أن تمسك أو تتحكم بكل جزئيات المشهد السياسي أم لا إذا ما فازت في الانتخابات.
وقال: "رسالة هنية فيها شيء من الذكاء يهدف للإمساك بكل جزئيات الحالة الفلسطينية والتحكم في مساراتها المختلفة، حيث أرادت حماس أن تؤسس لقدرتها على تسيير دفة المقاربات السياسية بجذب دعم إقليمي ودولي لهذا المشروع".
وشدد محيسن على أن حماس بدت أكثر طرف إيجابي في التعاطي مع الحالة الفلسطينية وتعقيدات المشهد السياسي، "وليست راديكالية في مواقفها السياسية وتتشبث بها لمصلحة ذاتية حزبية".
الجمهور والشرعية السياسية
من جانبه، يعتقد المحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض، أن الظرف السياسي الحالي يقتضي إتمام المصالحة الفلسطينية في ظل المخاطر الكبيرة التي تحيط بالقضية الفلسطينية، "والانتخابات مسار مهم ولا بد من المرور فيه وصولًا للمصالحة".
وأضاف: "إن لم يكن هناك انتخابات فموجة التطبيع العربي مع (إسرائيل) والنظام العربي والأسرة الدولية ستتجاوزنا وسيكون المشروع الوطني في خطر، وستفقد الفصائل المنقسمة ثقة الجمهور الفلسطيني وشرعيتها السياسية".
وأشار عوض إلى أن ذلك يقتضي ألَّا تكون جولة المصالحة الحالية مجرد تكتيك لربح الوقت، "ينبغي أن ننجح أمام موجة التطبيع العالية والتغيرات التي يشهدها العالم والإقليم، إضافة إلى انزياح سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو أقصى اليمين دون أن تعير الفلسطينيين أي أهمية".
وأعرب عن أمله أن تكون المصالحة الخليجية لمصلحة الفلسطينيين وليس ضدهم، وألا يكون الهدف منها الدفع باتجاه التطبيع مع الاحتلال بل تصويب الموقف العربي ودعم الموقف الفلسطيني منه وليس محاصرتهم وعزلهم سياسيًّا.
وقال: "المسألة الفلسطينية معقدة جدًّا، فالقرار فيها ليس فلسطينيًّا خالصًا إذ تتدخل فيه مصالح إقليمية وعربية ودولية، إلى جانب (إسرائيل) المستفيدة الأكبر من الانقسام بحيث تعامل مع الفلسطينيين كأفراد وليس قضية مجتمع".

