تفاجأ عدد من المحرَّرين من سجون الاحتلال بقطع السلطة في رام الله رواتبهم في ظل إيجابية الرسائل المتبادلة بين رئيس السلطة محمود عباس، ورئيس مكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، بشأن المضي في مسار الانتخابات الفلسطينية تحقيقًا للمصالحة.
وتلقى هنية رسالة من رئيس السلطة، الأحد الماضي، أكد فيها التزامه تحقيق الوحدة الوطنية، وذلك ردًّا على رسالة الأول التي تضمنت تخلي حماس عن شرط تزامن الانتخابات، وقبول إجرائها بالتوالي والترابط.
ويتمنى الأسير المحرر عماد عطاطرة، أن تسهم رسائل هنية وعباس في إنهاء أزمة قطع رواتب المحرَّرين، "فاستمرارها يسمم أجواء المصالحة".
وصدم عطاطرة، الذي أمضى خمسة أعوام ونصف العام في سجون الاحتلال الإسرائيلي، واعتقل عدة مرات في سجون أمن السلطة لانتمائه لحركة حماس، الخميس الماضي، بحجب راتبه الشهري الذي يتلقاه من هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
وذكر المحرر عطاطرة (37 عامًا) الذي عمل في جهاز الشرطة تسعة أعوام، وفصل بعد أحداث الانقسام تعسفيًّا، أن راتبه قُطِع فجأة ودون أسباب تذكر.
وقال: "عندما توجهت لمراجعة الهيئة أبلغت أن قطع الراتب جرى بتوصية من الأجهزة الأمنية"، مشيرًا إلى أن ثلاثة أسرى آخرين قطعت رواتبهم في محافظة جنين بالضفة الغربية دون إبداء الأسباب.
ويعتمد عطاطرة على المخصص المالي الذي يتقاضاه من أجل إعالة أسرته وتوفير متطلبات الحياة اليومية فقط.
ولجأ الأسير المحرر وزملاؤه إلى وسائل الإعلام لعرض معاناتهم، قائلًا: "سأطرق كل أبواب الإعلام وأعرض قضيتي، ولن أذهب إلى المحاكم لأنها شكلية حينما يكون هناك قرار من الأجهزة الأمنية".
ويدعو عطاطرة، الأب لأربعة أطفال، رئيس السلطة ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في ظل أجواء المصالحة بإعادة رواتب الأسرى المحررين والتوقف عن قطعها لكونها حقه لهم.
فعاليات احتجاجية
بدوره قال وزير الأسرى السابق وصفي قبها: إن مواصلة السلطة في رام الله قطع رواتب الأسرى يعطل ويشوش على مسار المصالحة الوطنية.
وذكر القيادي في حماس فعاليات احتجاجية ستنظم "قريبًا" أمام مقر رئاسة الوزراء في رام الله، وسيسلم المحرَّرون المقطوعة رواتبهم أبناءهم لرئيس الحكومة محمد إشتية، ليتحمل مسؤولياته الدينية والوطنية والأخلاقية.
وتابع قبها لـ"فلسطين": "لا يمكن أن يبقى رئيس الوزراء بين جدران مكتبه وهناك من يجوع"، متسائلًا باستغراب: "هل يقطع راتب الأسرى مكافأة لهم على تضحياتهم التي قدموها؟! الأمر جد مؤسف وخاصة في ظلال الحديث عن المصالحة وتبادل رسائل إيجابية بين رئيس السلطة ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس".
وأضاف: "هناك من يريد تعكير المصالحة من قبل الأجهزة الأمنية في رام الله، فلا يعقل أن يحدث ذلك في ظل الأجواء الإيجابية التي تسود الشارع الفلسطيني".
مخالفة القانون
وتساءل قبها عن معايير السلطة لقطع رواتب الأسرى المحررين، حيث طالت قطع الرواتب أسرى محررين ينتمون لحركة فتح، مشددًا على عدم قانونية قطع الرواتب تعسفيًّا بموجب القانون الأساسي الفلسطيني الذي ينص على توفير رواتب للأسرى والمحررين والشهداء والجرحى.
ودعا السلطة لالتزام القانون وصرف مخصصات الأسرى ووقف سياسة قطع الراتب، "وحفظ كرامة الأسرى الذين لولا تضحياتهم ودماء الشهداء الجرحى لما رأينا العلم الفلسطيني يرفع على المؤسسات الفلسطينية، ولما رأينا البساط الأحمر يفرش أمام الرئيس ليسير عليه".
ومضى قبها إلى القول: "مضت سنة كاملة على تعهدات رئيس الحكومة بإنهاء معاناة الأسرى المقطوعة في رام الله بعد خوض إضراب مفتوح عن الطعام لصرف رواتبهم ولم ينجز أي من وعوده".
وأكد وزير الأسرى السابق أهمية تحقيق المصالحة الوطنية، كهدف لا يمكن الحياد عنه على الإطلاق، داعيًا الجميع العمل وبذلك كل الجهود لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام.
كما دعا الرئيس عباس، وفي ظل الرسائل المتبادلة والأجواء الإيجابية لتحقيق المصالحة، لاتخاذ الإجراءات التي تعيد الحياة الكريمة للأسرى، ويتم إعادة الرواتب المقطوعة.
وشهدت الساحة الفلسطينية مؤخرًا، تقاربًا بين حركتي حماس وفتح، بعد عقد لقاءات جمع أمين سر اللجنة المركزية للحركة جبريل الرجوب، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، في كل من تركيا وقطر ولبنان، في محاولة لإنجاز المصالحة وإجراء انتخابات عامة.