منذ سنوات طويلة وأحوال الصيادين بقطاع غزة من سيئ إلى أسوأ بفعل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة بحقهم في عرض البحر، لتأتي جائحة كورونا في 2020م وما رافقها من قيود حكومية لاحتواء الوباء، لتزيد من مأساتهم.
الصياد خالد الهبيل يعمل في مجال الصيد منذ 40 عامًا، يؤكد أن عام 2020 كان العام الأسوأ على الصيادين.
وقال: "يوميًّا هناك اعتقالات وإطلاق نار تجاهنا، حتى إنهم (جنود الاحتلال) أطلقوا النار على أضواء مركبين، وشملت المضايقات عمل الزوارق الحربية أمواجًا اصطناعية تؤدي إلى خلل في الرؤية وتحطم القوارب، وتتسبب بإصابات للصيادين".
وأضاف: "ما زاد الأمر سوءًا انتشار جائحة كورونا في غزة، حيث صعوبة الوصول للميناء بسبب الإغلاقات المتكررة وعدم وجود وسائل نقل".
وبين الصياد عماد مقداد، أن كورونا زادت من مصاريف الصياد الذي بالكاد يحصل على قوت يومه، "فقد فرضت علينا كورونا توفير معقمات ومنظفات أرهقت كاهلنا".
ويختصر مقداد معاناة الصيادين بالقول: "كان وضعنا قبل الجائحة تحت الصفر بسبب الاحتلال، وكورونا جعلته أكثر سوءًا".
وتابع: "كان عامًا مريرًا بسبب إغلاقات الاحتلال المتكررة، بخلاف اعتراضنا في وسط البحر، والطلب منا العودة للوراء، وعدم تخطي مسافة الثلاثة أميال، بتعسف، وزادتنا "الكورونا" فقرًا فصرنا لا نعمل سوى يومين في الأسبوع بسبب الإغلاقات".
عام صعب
وقال مسؤول لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي زكريا بكر: إن بداية موسم الصيد في 2021 غير مبشرة، إذ إنه لم تحدث منخفضات جوية حتى اللحظة، فالجو ما زال ربيعيًّا يؤثر سلبًا في عمل الصيادين.
وأشار إلى أن بقاء الوضع على حاله يزيد من سوء أوضاع الصيادين الذين عانوا عامًا صعبًا في 2020، إذ كان للاحتلال دور أساسي ومهم في تدمير موسم الصيد.
وقال: "شهدنا معدلات مرتفعة من الملاحقة والمطاردة وإطلاق النار شبه يومي، فرُصد نحو 320 عملية ملاحقة وإطلاق نار، واعتقال 9 صيادين، وإصابة 18 آخرين، ومصادرة 4 مراكب، وتدمير 12 مركبًا، وفقدان وتدمير مئات شباك الصيادين داخل البحر".
ولفت إلى أن سلطات الاحتلال الحربية قلّصت عشرات المرات مساحات الصيد وإغلاق البحر أمام الصيادين، كان أطولها مدة إغلاق استمرت 16 يومًا متتاليًا.
ويتضافر مع تلك العوامل، وفق بكر، استمرار الاحتلال بسلوك خطِر جدًّا، وهو منع إدخال معدات الصيادين بكل أنواعها.
وقدر أن قرابة مئة مركب "لنشات" لا تمتلك محركًا بحريًّا، بل هي محركات شاحنات لاءمها أصحابها مع الحياة البحرية.
وقال: "هذه المحركات لها نتائج سلبية، فعمرها الافتراضي قصير لا يزيد على 3 سنوات، وهي تستنزف وقودًا كثيرًا، وتحتاج إلى صيانة دورية مرهقة ماديًّا للصياد، بجانب أنه منذ عام 2012 لم يُصنَع أي مركب جديد بغزة؛ حيث تمنع (إسرائيل) دخول معدات التصنيع كـ"الفيبر جلاس" والأخشاب.
وأشار إلى أن صيادي غزة يحتاجون إلى ما يقارب 300 محرك، بجانب عدم وجود قطع غيار لصيانة ما هو موجود.
وقال: "القوارب الموجودة كان عمرها الافتراضي خمس سنوات، ولم تُصَن منذ 14 عامًا من الحصار الإسرائيلي".
وأزاد وضعَ الصيادين سوءًا، حسب بكر، الإجراءات الحكومية بغزة في إثر تفشي كورونا، قائلًا: "عندما فُرض حظر تجوال قبل 3 أشهر لمدة 14 يومًا، واجه الصيادون صعوبات في تسويق الأسماك وانخفضت الأسعار في الأسواق؛ ما كبدهم خسائر كبيرة".
وأضاف: "كما زادت كورونا من مصروفات الصيادين الذين أصبحوا بحاجة إلى الكمامات ومواد التعقيم في ظل كونهم يوفرون قوتهم يوميًّا".
كما أشار إلى أن فرض حظر تجوال ليلي أثر في الصيادين سلبًا، فالصياد عمله غير مرتبط بوقت معين، وتقييده بمواعيد يؤثر في عمله، إلى جانب أن إغلاق يومي الجمعة والسبت يجعلهم يفقدون ثلاثة أيام من عملهم.
ونبه إلى أن عدم قدرة الصياد على توفير قوت يومه يخلق مشكلات اجتماعية وصحية ونفسية لدى أسرته وأطفاله، مضيفًا: أن "أزمة كورونا خلقت ضررًا لا يقل تأثيرًا عن ضرر الاحتلال".