فلسطين أون لاين

فرص إصدار المرسوم لازالت متواضعة

لا شك أن موقف اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة شكل تحولا جوهريا في مسار المصالحة بعد البرقية التي وجهها لرئيس السلطة، والتي تبعها بخطاب متلفز أعرب فيه عن استعداد الحركة لاستئناف الحوار وإنجاز المصالحة الوطنية وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني بالتوالي والترابط، وذلك في غضون ستة أشهر.

لكن المشهد لازال ضبابيا ولم يشعر كثير من الفلسطينيين بأثر الحراك الجاري على الرغم من أهميته لحاجة المواطن الفلسطيني لخطوات عملية ملموسة في هذا السياق بعد سلسلة طويلة من الانتكاسات المتعددة التي منيت بها الحوارات الفلسطينية، وفشل كل الجهود السابقة في تحقيق أي تقدم ينهي حالة الانقسام.

 فحالة الاحباط أصبحت متجذرة في الشارع الفلسطيني لاعتقادهم أن ما يحدث هو حرق لمزيد من الوقت، ولقناعة شعبنا بأن قيادة حركة فتح لا تلقي بالا لهذا الملف خصوصا في ظل تكرار سيناريوهات التخريب، ولان هذه الحركة منقسمة على نفسها ومترددة وتعول دائما على التغييرات الحاصلة داخل الادارة الأمريكية، وتراهن دوما على صعود حكومة معتدلة في دولة الاحتلال، والتي يمكن أن تعيد قطار التفاوض من جديد ما يشكل فرصة لإنقاذ مشروع التسوية.

فرئيس السلطة وعلى الرغم من استجابته لموقف حماس وتثمينه لخطوة هنية إلا أنه حتى الان غير مستعد لاتخاذ أي خطوة من شأنها جعله خارج الرئاسة، وبالتالي سيبقى يوازن بين الانفتاح على أي حراك يبقي له هامش للمناورة عبر الاعلام، وفي ذات الوقت لن يتسرع في إصدار المرسوم متذرعا بضغوط تمارس عليه ومشترطا من جديد تنفيذ خطوات تفرض على حركة حماس وذلك بغرض تفجير الاجواء وتسميمها وافشال المسار الحالي.

وكانت التجارب مع سلوك رئيس السلطة تؤكد مرارا سعيه لفرض الاملاءات على حركة حماس في محاولة لتعجيزها وافشال جهدها في اتمام المصالحة الوطنية واجراء الانتخابات، وذلك لأسباب متعددة داخليا وخارجيا تدفعه لنسف الجهود في لحظة مفاجئة مستعينا بفريقه لخلق أزمات جديدة مفتعلة لوقف مسار العمل.

فلا يمكن لاحد أن يغفل حالة الانقسام الحاد التي تعيشها حركة فتح منذ غياب مؤسسها ياسر عرفات، والذي أدى غيابه لانهيار دعائم هذه الحركة، وتشتت قرارها القيادي وفقدانها لبوصلة الوحدة، وتخليها عن برنامج المقاومة وانحرافها نحو مشروع التسوية، وذلك بعد أن لاحقت المناضلين في صفوفها بالاعتقالات و ساهمت في قطع رواتبهم وترقين قيودهم، حيث تم اقصاءهم بعيدا عن دوائر صنع القرار وكل المناصب القيادية المهمة بغية التفرد بالقرارات التنظيمية والوطنية.

ففي ظل هذه البيئة فإن حالة التزاحم والتنافس بل والاحتراب داخل التنظيم أدت بشكل فعلي لظهور قرارات متسرعة ومرتبكة، وذلك في ظروف وطنية مختلفة أدت للإضرار بمكانة الحركة بشكل خاص وبالمشروع الوطني بشكل عام، والتي كان من نتائجها الصراعات السياسية والاعلامية والميدانية في ساحات مختلفة داخل وخارج فلسطين نتيجة الاتهامات المتبادلة وحالة التخوين المتصاعدة بين كوادر حركة فتح.

كل ذلك بدوره انعكس سلبا على أي حراك وطني يهدف لإجراء الانتخابات واتمام المصالحة الوطنية، وذلك لغياب القرار التنظيمي الجامع، وفقدان هذه الحركة لزعيم حقيقي قادر على إيجاد حلول مناسبة للخلافات التنظيمية القائمة، وفي ذات الوقت يكون قادر على تصويب أوضاعها نحو التخلي عن مشروع التسوية ليعيدها إلى سكة المشروع الوطني المقاوم.

لكن زعيمها الحالي لا يتمتع بالقوة الكاملة لاتخاذ قرارات مصيرية دون التشاور مع حلفائه في المنطقة، أو الرضوخ لفريقه المتنفذ في السلطة والذي يهيمن على القرار القيادي في ظل ضعف وهرم عباس وفقدانه للسيطرة الكاملة على السلطة، لقناعة وايمان فريقه بأن الانتخابات في المرحلة الراهنة تشكل خطرا مباشرا على حركة فتح في ظل تنامي خلافاتها التنظيمية وانهيار مشروعها السياسي.

الامر الذي يزيد من مخاوفه ويجعله غير قادر على اتخاذ خطوة عاجلة باتمام المصالحة أو اجراء الانتخابات، لذلك فالكرة الان ملقاة في ملعب كل القيادات الوطنية في هذه الحركة لالتقاط الفرصة والعمل على انجاحها ومنع كل العابثين من ممارسة وسائل التخريب المعهودة.