تتهيأ الضفة الغربية للمشاركة في الانتخابات المحلية التي ستجرى يوم السبت القادم، بتاريخ 13 أيار، أي عشية ذكرى نكبة فلسطين، وإعلان قيام دولة الكيان الصهيوني، وهذه الذكرى الأليمة التي حفرتها الدماء والتضحيات في وجدان الشعب الفلسطيني، لا تمحى بالتقادم، وكان الأجدر بمجلس الوزراء الذي حدد موعد الانتخابات أن يحترم ذاكرة الشعب الفلسطيني، وأن يحترم تضحياته وبطولاته، وألا يشغل الجماهير الفلسطينية عشية ذكرى النكبة بالانتخابات المحلية، ونتائج فرز الانتخابات، وبين مؤيد لهذه النتائج أو متشكك فيها.
على رئيس الوزراء ان يتدارك الأمر، وأن يتدخل على وجه السرعة، ويؤجل موعد الانتخابات التي تتزامن مع اليوم السابع والعشرين لإضراب الأسرى في السجون الإسرائيلية، ولا سيما أن المشاركة في الانتخابات حق من حقوق الأسرى الذين تجاوز عددهم ستة آلاف أسير، ولهؤلاء ستة آلاف أبٍ، وستة آلاف أمٍّ، وستة آلاف أخٍ، وأختٍ وجارٍ وصديقٍ ورفيقٍ وعزيزٍ وحبيب ومتضامن ومتعاطف، فنحن نتحدث عن ملايين من الشعب الفلسطيني الذي ارتبط مصيره بمصير القضية الفلسطينية، والتي يمثل الأسرى رأس حربتها، الصريح، وهم عنوانها الوطني الفصيح.
على كل مسئول مهما كان موقعه أن يعمل بكل صدق على تأجيل الانتخابات المحلية، ولا سيما أن هذه الانتخابات ستجرى في مدن وقرى الضفة الغربية فقط، دون بقية الأرض الفلسطينية، فهي لن تجرى على أرض غزة المحاصرة، ولن تجرى على أرض القدس التي تتعرض للتهويد، وسيمارس الحق في الانتخابات جزء صغير من الشعب الفلسطيني دون بقية الشعب المشتت في المنافي، والمحاصر في وطنه، والمنفي داخل بيته.
وللتذكير فقط، فإن موعد الانتخابات المحلية غير مقدس، فقد سبق وان تأجلت الانتخابات التي كان موعد إجرائها في الضفة الغربية وغزة مع نهاية سنة 2016، تأجلت الانتخابات لأسباب أوهن من السبب الوطني الذي يعشعش في الذاكرة، وأوهى من السبب الوطني المرتبط بإضراب الأسرى، إذا كيف سيجرؤ فلسطيني وطني شريف على الخروج من بيته، والوقوف في طابور الاقتراع، ولا يحتقر انتماءه الوطني، وهو يدير ظهره لإضراب الأسرى، أولئك الأبطال الذين سيكون يوم الانتخابات يوم عذابات بالنسبة لهم، ولا سيما أن مدير مصلحة السجون سيتشفى بهم، وسيدخل عليهم مدير السجن ليقول لهم: لقد نسيكم شعبكم، وهذا هو مجتمعكم الفلسطيني يمارس حياته السياسية، وينتخب ممثليه دونكم، لقد خسرتم رهانكم على بني قومكم أيها المغفلون.
الرجولة موقف يا حركة فتح، والوطنية موقف يا فصائل منظمة التحرير، والكرامة موقف يا حركة حماس وحركة الجهاد، ونحن الشعب العربي الفلسطيني ننتظر الموقف الوطني والأخلاقي والرجولي المعبر عن أماني وتطلعات الشعب الفلسطيني، الموقف المتكامل مع الأسرى في معركتهم، والتي هي معركة القرار السيادي الفلسطيني المستقل عن التبعية والركوع.