في تغريدة تُلفت الانتباه، قال المفكر الإسلامي الكويتي عبد الله النفيسي: إن ترامب يحاول قلب الطاولة في الخليج لإرباك المنطقة، ووضع عراقيل أمام الرئيس بايدن قبل دخوله البيت الأبيض، بحيث تعيق عودته المحتملة للاتفاق مع إيران.
كلنا نذكر أن ترامب خرج على شركائه الأوروبيين حين قرر الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وقد حظي خروجه هذا بترحيب شديد من (إسرائيل)، ثم من المملكة ودول الخليج، حيث رأت (إسرائيل) أن خروج أمريكا من الاتفاق يزيد الحصار على إيران، ويقلص فرص استعادتها أموالها المجمدة، ومن ثم يُعيق قدراتها الصناعية في المجال العسكري، وفي برامج الصواريخ البالستية.
إسرائيل لا تؤيد عودة بايدن للاتقاق مع إيران، وبعض دول الخليج والمملكة لا يؤيدون هذه العودة المحتملة، لذا ليس غريبًا على أمريكا أن ترسل سفنها البحرية الحربية إلى منطقة الخليج العربي، وهي عادة ما توجد في هذه المنطقة، التي تعد الشريان الرئيس في إمدادات البترول إلى أوروبا وأمريكا، ولكن الغريب أن ترسل (إسرائيل) أحدث غواصاتها إلى الخليج بالتنسيق مع القوات الأمريكية، وربما مع دول الخليج العربي، بحيث تسير غواصتها غوصًا استعراضيًّا في قناة السويس والبحر الأحمر، وهذه الغرابة تنبع من واقع الميدان، حيث تعد هذه المرة الأولى التي ترسل (إسرائيل) غواصة حربية للخليج، وفي هذا الإطار يجدر أن نتذكر أن طائرات بي ٥٢ الضخمة، التي تقدر على حمل قنبلة نووية قد حلّقت في منطقة الخليج في رسالة تحدٍّ للدولة الإيرانية.
هذه المعطيات العملية، والمؤشرات ذات الرسائل والرموز، تبرر في نظري ما قاله المفكر الكويتي عبد الله النفيسي في تغريدته، ومن المعلوم لنا أن النفيسي قريب من دول المنطقة، وهو من أكثر العارفين لتضاريسها السياسية والأمنية والعسكرية، وهو لا يقول ما يقوله جِزافًا وبلا تمحيص، وأحسبه قد أرسل رسائل ذات مغزى للمهتمين بالمنطقة، وللقاطنين فيها، مع كشف تلميحي عن بعض التداعيات السلبية لعمليات التطبيع التي حصلت مؤخرًا، والتي كانت جاذبة للغواصة الإسرائيلية للخليج، ولا أستغرب أن نسمع إذا ما قلب ترامب الطاولة أو لم يقلبها في الخليج عن وجود طيران حربي صهيوني مقيم في مطارات عربية!
نعم، يجدر بكل مواطن خليجي أن يتفكر ويتدبر في تغريدة النفيسي، وأحسب أننا في فلسطين معنيون بما يحدث أو قد يحدث في الخليج، لا سيما أننا الطرف الأكثر تفهمًا لسياسة (إسرائيل) في المنطقة، والأكثر إدراكًا لإستراتيجيتها الهادفة لنقل مركز الصراع من فلسطين المحتلة، إلى الخليج العربي، مع تخطيط لإدامة حالة الصراع، وأحسب أن (إسرائيل) نجحت في نصب إيران خطرًا أول في الخليج، وخطرًا رئيسًا على السياسة الأمريكية! وأحسب أن الحل الأصوب يكمن في مصالحة خليجية مع إيران، وفي عمل عربي مقاوم للإستراتيجية الإسرائيلية.