فلسطين أون لاين

" أو آوي إلى ركن شديد"

مناورات الركن الشديد مناورات دفاعية، تهدف في نظري إلى التدريب على صد أي هجوم صهيوني قد يحصل يوما تحت أي ظرف. لذا يجدر بالإعلام أن ينظر إلى مناورة الركن الشديد بمنظور الدفاع والتدريب. ومشروع المناورات التدريبية يُجرى في كل البلاد، ومن حق فصائل المقاومة الفلسطينية إجراء مثل هذه المناورة بين فترة وأخرى، للتأكد من جهوزية المقاومين للدفاع عن الشعب ضد حماقات العدو التي تكررت مرات عديدة. وإذا رجعت إلى آية هود التي تحمل عبارة الركن الشديد، فقد كانت كلمة دفاعية للوط ضد المهاجمين لبيته ولضيفه.
مناورة الركن الشديد تجمع فصائل المقاومة على اختلاف مشاربها السياسية، وبهذا تقول الغرفة المشتركة وهي الهيئة القيادية المشرفة على المناورة: نحن نعرف أننا مختلفون في الرؤية وفي التوجه السياسي، ولكننا نؤكد أننا متفقون على مقاومة الاحتلال، ومتفقون على هدف إزالة الاحتلال والاستيطان من أراضينا، ومتفقون أن آلية العمل الوحيدة هي آلية المقاومة، وأن آلية المفاوضات التي سارت فيها حركة فتح لعقدين من الزمن أو يزيد، انتهت صلاحيتها ووصلت إلى طريق مسدود.
مناورة الركن الشديد حملت رسالة تطمين للشعب في ظل تهديدات صهيونية متكررة بحرب على غزة، وفي ظل توجه صهيوني يتلاعب بتفاهمات التهدئة، مع مواصلة دائمة للحصار. نعم الشعب الفلسطيني كان في حاجة لرسالة التطمين هذه، وهو في حاجة ليرى جنود المقاومة في الميدان، وفي حاجة لأن يرى أجنحة فصائل المقاومة العسكرية تعمل معا في الميدان. هذه الصورة الوحدوية تهوّن على المواطن اختلافات الفصائل السياسية، وتهوّن عليه الفشل الذي وصلت إليه المصالحة.
مناورة الركن الشديد تأتي في توقيت مناسب في ظل حالة الإحباط التي نشرتها حفلات التطبيع العربي في الخليج والمغرب والسودان، وهنا قالت المناورة للشعب: لا تقلق مما فعلته هذه الدول، فنحن نعتمد على رجالنا وسواعدنا، ولا نعتمد على هذه الدول، وما كنا يوما نعتمد عليها، وما لدينا من معلومات كانت تقول إنهم يعملون ضد المقاومة، وما حرب الفرقان عنكم ببعيد، حيث فشل أمير قطر في حينها في مجرد عقد اجتماع طارئ للجامعة العربي لحماية غزة! وكانت كلمته التي لجأ إليها ولا ينساها الفلسطيني هي: (لا حول ولا قوة إلا بالله).

مناورة الركن الشديد لا تقول نحن نعتمد على أنفسنا وعلى رجالنا فحسب، بل تقول لنا ولهم إننا نعتمد على الركن الشديد، والله وحده هو صاحب الركن الشديد، وقد آوى إليه من هو خير منا، أعني نبينا لوط (هود:٨٠). ومن يأوي إلى الله يأوي إلى ركن شديد، يغنيه بالتأكيد عن الخليج والمغرب، وغيرهما، وصدق من قال: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى". نعم، إذا صدقت المقاومة ربها، فلن يغلبها عدو، ولن ينال منها مطبع باع الآخرة بدنيا غيره.