فيروس "كورونا" ليس كائنًا عاقلًا، فهو لا يفرِّق بين جنسية وجنسية، أو بين دين ودين، أو بين حرّ وأسير، هو يصيب الصيني كما يصيب الأميركي، ويدخل لرئة العربي والأعجمي، كما يهدد حياة المسلم واليهودي، لذا تنصح منظمة الصحة العالمية الدول والحكومات بتطعيم مواطنيها والمقيمين فيها بلا تمييز بين ذكر وأنثى.
ولما صُنَّف كورونا بالوباء، والجائحة، وقد حمل هذا التصنيف لأنه يضرب بلاد العالم كافة، ويدخل إلى كل الأمكنة والأحياز، بطرق مختلفة شرحتها منظمة الصحة العالمية، فهو يدخل إلى صالات الأفراح كما يدخل إلى زنازين الأسرى والمعتقلين، بآليات الانتقال نفسها، لذا نتساءل لماذا ميزت حكومة الاحتلال بين مكان ومكان، وبين يهودي وأسير فلسطيني، فقررت تطعيم اليهود، وترْك تطعيم الأسرى الفلسطينيين؟!
إذا كان القرار يستند لمفاهيم التمييز العنصري الذي يتغلغل في خلايا مراكز صنع القرار في دولة الاحتلال، فإنه لا حلّ لهذه المعضلة بمنطق العقل والحكمة، لأن العنصرية العرقية والدينية تتعارض مع منطق العقل والحكمة، ولا حل للمشكلة إلا بتخلص قادة الاحتلال من عنصريتهم، وإخضاع إجراءاتهم لمقتضيات القانون الدولي الذي ينظم مسئولية الدولة المحتلة للأسرى.
وإذا كان قرار عدم تطعيم أسرى فلسطين يرجع لأسباب مالية أو فنية، فيمكن حل المشكلة عن طريق منظمة الصحة العالمية، أو غيرها من المنظمات الإنسانية، وإذا كان السبب يرجع لطلب المعاملة بالمثل فإن حماس -فيما أُرجِّح- جاهزة لتطعيم شاؤول وهدار والآخرين حال توفرت لها عينات "فرايزر"، بل أُرجِّح أن حماس ستطعمهم حتى لو أصرت تل أبيب على عدم تطعيم أسرى فلسطين، ذلك أن حماس تتمسك بتعاليم دين الإسلام الذي رتَّب للأسير معاملة المثْل مع من يقبض عليه، دون تمييز، أو تفرقة عنصرية، بل وعليه أن يزين له بالمعاملة الحسنة الإسلام فلعله يسلم.
حماس لا تُعرِّض حياة الأسير للخطر لأنه أسير وليس مواطنًا، حتى وإن كان الأسير يهوديًّا، فحماس لا تقاتل اليهود، ولا تأسر اليهودي، إنما تقاتل الصهيوني الذي يحتل أرض فلسطين، وتأسر الصهيوني الذي يسجن رجال فلسطين، ويتخذهم رهائن. فمن حق حماس أن تستنكر قرار الاحتلال عدم تطعيم الأسرى في سجونها، ومن حق حماس وقيادة السلطة تقديم شكوى لجهات الاختصاص الدولية لإبطال قرار التمييز وقرار حكومة نتنياهو العنصرية.