شعبنا الفلسطيني عانى طويلًا في سبيل التحرير واستعادة الحقوق المغتصبة، فالقضية الفلسطينية مضى عليها أكثر من مئة عام منذ بداية الأطماع الصهيونية الفعلية بأرض فلسطين، فبدأت بالمساومة تارة، والاستيلاء على الأرض والممتلكات تارة أخرى، والقتل والتدمير مرات ومرات، حتى أعلن الصهاينة دولتهم المزعومة على أرض فلسطين بمساندة ودعم قوى الاستعمار في العالم التي أرادت أن تجعل لها امتدادًا في قلب الدول العربية والإسلامية خوفًا من عودة الدولة الإسلامية قوية مرة أخرى تقضي على أطماعهم وتنهي نهمهم في الاستيلاء والسيطرة، إضافة إلى رغبة الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بالتخلص من اليهود لما عانوه منهم طويلًا نتيجةً لطباع اليهود القائمة على إثارة الفتن والتخريب والربا والفساد، حيث دعا الرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن ذات مرة إلى طرد اليهود من جميع أراضي الولايات المتحدة الأمريكية بعدما ضجر من أفعالهم ودسائسهم.
وتم التخلص من اليهود بإقامة دولة لهم على أرض فلسطين رغبة من الدول الاستعمارية في إنهاء معاناتها منهم لتبدأ أطول معاناة شهدها العصر الحديث من جراء الاحتلال يتجرعها الشعب الفلسطيني، فالغرب وقادة العرب هم المسؤولون أولًا وأخيرًا عن معاناة شعب فلسطين، وعليهم مسؤولية أخلاقية وتاريخية في إنهاء هذه المعاناة، فشعبنا قدم الكثير من الشهداء والجرحى والمعتقلين، ودمرت أرضه وهدمت بيوته واقتلعت حقوله، حتى أطفاله لم يسلموا من تنكيل الصهاينة، واليوم يحاصر بأبشع صور الحصار التي لم يشهد لها العالم مثيلًا في وقتنا الحاضر، فلا دواء ولا طعام ولا علاج ولا بناء، ويوميًّا يقدم الشهداء على قائمة الحصار وشعبنا صابر مرابط.
لكن ما يثير الاستغراب أحيانًا خروج البعض علينا بتحميل شعبنا ومقاومته مسؤولية هذه المعاناة وكأن المقاومة التي تدافع عن شعبنا هي من أمرت بإغلاق المعابر ومنع إدخال البضائع وارتفاع البطالة.
وهنا أود التذكير بأن جميع الشعوب التي وقعت تحت الاحتلال عانت وقدمت الكثير في سبيل التحرير فالجزائر بلد المليون شهيد، والعراق يقدم يوميًّا ما لا يحتمله أحد، والنماذج أكثر من حصرها في هذه العجالة، ولم يشهد التاريخ أن شعبًا نال حريته واستقلاله دون دفع الثمن.
فنحن قدمنا وما زلنا وسنقدم في سبيل نيل حريتنا وكرامتنا التي لا يمكن أن نتخلى عنها مهما كانت الإغراءات، ولا وألف لا للأصوات الشاذة والنشاز التي تنادي بمصالحها الضيقة على حساب مصالح شعبنا العليا وتقف في صف العدو ضد المقاومة وسلاحها الطاهر.