فلسطين أون لاين

تقرير الاقتصاد الفلسطيني بين النمو والانكماش في العام الجديد

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

تفاوتت وجهات نظر مختصَّيْن اقتصاديَّيْن بشأن قراءتهم الاستشرافية لما سيكون عليه حال الاقتصاد الفلسطيني في العام الجديد، فأحدهم يرى أن الاقتصاد سيبقى منكمشاً على ذاته حتى منتصف العام القادم، ودعا إلى البحث عن تمويل لتعويض القطاعات الإنتاجية المتضررة.

بيد أن المختص الآخر يتوقع معدلات نمو ايجابية سيسجلها الاقتصاد بخاصة بعد انتهاء أزمة إيرادات المقاصة والبدء بتوزيع لقاحات مكافحة كورونا حول العالم.

وقال المختص الاقتصادي د. رائد حلس: لا شك أن الظروف التي مر بها الاقتصاد الوطني في عام 2020 كانت قاسية جداً وتسببت في تراجع وتباطؤ في معظم المؤشرات الاقتصادية والتي كانت بسبب استمرار حالة عدم اليقين وتواصل الجمود السياسي بجانب قيام الاحتلال الإسرائيلي بالعديد من الممارسات التي ضربت مقومات الاقتصاد الفلسطيني.

وبين حلس لصحيفة "فلسطين" أن استيلاء الاحتلال على أموال المقاصة وتجميدها واستقطاع أجزاء كبيرة منها بحجة أنها تذهب رواتب للجرحى والأسرى والشهداء تسببت في ضرر كبير للاقتصاد.

ونبه إلى إجراءات وتدابير احترازية لاحتواء ازمة كورونا ومحاولات منع تفشي الفيروس في الأراضي الفلسطينية والتي تسببت في تعطل معظم الأنشطة الاقتصادية وتعطيل كافة مناحي الحياة اليومية وخروجها عن مسارها الاعتيادي الطبيعي والمألوف مما تسبب في خسارة الاقتصاد الفلسطيني بنحو 2.5 مليار دولار.

ومع ذلك كله يرجح الاختصاصي حلس امكانية لتحقيق معدلات نمو إيجابية في العام القادم وبخاصة بعد انتهاء أزمة إيرادات المقاصة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبسبب التوقعات بانحسار فيروس كورونا في صيف العام القادم بجانب أيضا المضي في خطة التعايش مع الأزمة بإعادة النشاط الاقتصادي مع الأخذ بعين الاعتبار اجراءات الوقاية والسلامة والالتزام بالتعليمات الصحية.

ونوه إلى أن المعطيات تشير قدما إلى إنهاء ملف الانقسام وتحقيق المصالحة واجراء انتخابات فلسطينية والتي سوف يكون لها مردود اقتصادي إيجابي.

وحسب جهاز الإحصاء وسلطة النقد فقد سجل الاقتصاد تراجعا حادا يصل إلى 12% خلال عام 2020، جراء جائحة "كورونا" وتداعياتها وهذا تسبب في تزايد في عدد العاطلين عن العمل لتدخل فئات جديدة إلى دائرة الفقر، ويتراجع بذلك مستوى الطلب العام لمؤشري الاستهلاك والاستثمار الكلي.

كما تأثر الاقتصاد الفلسطيني العام الحالي بإجراءات الاحتلال المتعلقة بحجز عائدات المقاصة، والتي استمرت لأكثر من سبعة أشهر متتالية، وتشكل تلك الأموال ما نسبته 70% من إجمالي الإيرادات وتعتبر المصدر الاساسي لتغطية النفقات الجارية.

في حين كانت وجهة نظر الاختصاصي الاقتصادي د. أسامة نوفل مختلفة فهو يتوقع بقاء الانكماش الاقتصادي حتى منتصف العام القادم.

وقال نوفل لصحيفة "فلسطين": لو افترضنا أن اللقاح ثبتت فاعليته في الحد من هذا الوباء، فأعتقد أن فلسطين لن يصلها اللقاح قريباً، وبالتالي يبقى المرض خارج السيطرة، وهنا الاقتصاد سيكون في حالة انكماش لمدة خمسة أو ستة أشهر تقريباً.

وأضاف نوفل أن التخوف من فقدان السيطرة على هذا الوباء، وبذلك يبقى الاقتصاد الفلسطيني يواجه تراجعاً حاد، وهذا يأتي في وقت أن الفلسطينيين ليس لديهم الثروات الطبيعية لتغطية العجز الحاصل في الايرادات العامة أو تعويض المتضررين عن خسائرهم.

وبين أن الاستثمار يشهد في الوقت الراهن حالة انكماش على نفسه، فالكثير من المشاريع توقفت وأخرى أحجم أصاحبها عن البدء بها خشية من الخسائر، كما تراجع عدد العاملين عن العمل بسبب الجائحة.

وأشار نوفل إلى استمرار عجز الميزان التجاري وتراجع حجم التبادل التجاري مع العالم الخارجي وانخفاض الواردات والصادرات من وإلى فلسطين.

وشهدت فلسطين خلال العام الحالي إغلاقا جزئيا وشاملا على فترات متقطعة وذلك للحد من تفشي هذا الوباء، تركز هذا الإغلاق خلال الربع الثاني من عام 2020، وعلى مستوى الإنفاق تراجع الاستهلاك الكلي في فلسطين بنسبة 6% كما تراجع الاستثمار الكلي بنسبة 36%.

وسجل نشاط الخدمات حسب الاحصاء أعلى قيمة تراجع وبنسبة 10%، كما تراجع نشاط الإنشاءات بنسبة 35%، ثم نشاط الصناعة الذي تراجع بنسبة 12%، وشهد نشاط الزراعة تراجعا بنسبة 11%.

في حين بلغ حجم التبادل التجاري من وإلى فلسطين 10 مليارات دولار أميركي أي بنسبة تراجع وصلت إلى 10% وذلك نتيجة لانخفاض الصادرات بنسبة 7% لتصل إلى 2.5 مليار دولار أميركي، وانخفاض الواردات بما نسبته 11% لتصل إلى 7.4 مليارات دولار أميركي ليشهد الميزان التجاري تراجعاً في العجز ويصل حوالي 5 مليارات دولار أميركي.

وبين الاحصاء وسلطة النقد أن توقف أكثر من 66 ألف عامل عن العمل خلال العام 2020، أدى لارتفاع معدل البطالة الى 27.8%، ما يعكس انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 14%، ودخول فئات جديدة إلى دائرة الفقر والفقر المدقع.