حبها وشغفها بالطهي وتعلمه دفعها للبحث عن دورات في هذا المجال، لكن للأسف الشديد على مدار سنوات دراستها الجامعية بعد تخرجها لم تجد مركزا متخصصا يلبي حاجاتها في هذا المجال من عدة نواحٍ.. كـ"شيفات" متخصصين ودورات متخصصة في كل المجالات، ومكان مناسب ومجهز ومؤهل للتدريب وكذلك شهادة معترف بها في هذا المجال، ولكن شغفها المُلح لم يهدأ بل جعلها تبادر اتجاه تحقيق حلمها، وخاصة بعدما عاشت في طابور البطالة مما جعلها تفكر في الأمر جديًا..
نور البطة (28 عامًا) فتاة من قطاع غزة، تخرجت من الجامعة الاسلامية تخصص علوم، فتحت مركزها التدريبي الأول في قطاع غزة لتعليم مهارات الطبخ المتخصصة "سمايل كتشن".
قالت: "كنت أتابع عدة مراكز في الضفة الغربية مختصة بهذا المجال، وكنت انظر لها بعين الحسرة لعدم وجود مثل تلك الدورات لدينا، ولا حتى مركز لائق لسيدات غزة يتعلمن من خلاله تلك الدورات".
انتظرت الكثير من الوقت لعل وعسى يفتتح مركز في هذا المجال، وبعد حالة اليأس من تغيير الواقع قررت أن تبحث عن مكان وتجهزه بأدوات بسيطة، فواجهتها مشكلة ارتفاع الإيجار بغزة التي حالت دون إتمام خطوتها الأولى، وأصيبت على إثرها بحالة إحباط شديدة، دفعتها للتخلي عن الفكرة، "إلى أن جاء اليوم الذي افتتح فيه زوجي مركزه الخاص لتقديم الدورات التدريبية لفئة الشباب لتنمية مهاراتهم وقدراتهم"، وفق قول البطة.
وتابعت حديثها: "ولم يخطر بباله أن يعقد فيه بيوم من الأيام دورات تدريبية في مجال الطهي، فعرضت عليه تجهيز قاعة صغيرة فيها مطبخ ومعدات بسيطة، وسأتكفل بباقي الأمر، وبعد عدة محاولات وافق، وكان الإعلان الأول لدورة الطهي من سمايل كتشن قبل عام".
وأشارت البطة إلى أن الفكرة قد لاقت ترحيبًا وتشجيعًا من سيدات غزة، كما أنه مشروع خاص غير مدعوم، ويقوم فقط على العائد المادي "المتواضع" من الدورات، مضيفة: "حيث إن هدفي في هذه المرحلة مساعدة العديد من السيدات والشباب المقبلين على افتتاح مشاريع خاصة ويحتاجون تدريبا عالي الحرفية".
وبينت أن المركز يقوم بتوفير كافه المواد الخام الخاصة بكل متدرب، إلى جانب الأجهزة والمعدات اللازمة، معتبرة أن مشروعها يقوم بدور "رائع" في مواجهة الوضع الاقتصادي الصعب، والبطالة المتفشية في صفوف فئة الشباب.
فلا تخلو أي طريق من مطبات وعقبات، ومن ضمن ما واجهته البطة في إنشاء مشروعها، عدم اهتمام المؤسسات المعنية بالمشروع رغم أنه الأول في هذا المجال، بالإضافة إلى أن الدورات التدريبية تكلفهم الكثير ولا تغطيها رسوم المتدربين بالشكل المطلوب لإكمال مسيرة هذا المركز إلا بالجزء اليسير ، ومع ذلك لا يمكنهم زيادة تكاليف الدورات نظرًا للواقع القائم في غزة من الحصار وتبعاته.
وتتابع البطة حديثها: "إلى جانب نقص غاز الطهي والكهرباء، فهما أزمتان متجددتان على الساحة الفلسطينية، والتي نضطر لاستخدام بدائل عالية التكلفة لإنجاز دوراتهم بالشكل المطلوب".
وتحلم في إكمال المرحلة الثالثة من "سمايل كتشن" ليصبح بمثابة أكاديمية متخصصة، وذلك بعد أن أتموا المرحلة الأولى بقاعه بسيطة ومجهزة بأدوات خاصة، وثم تم انتقالهم إلى مركز تدريبي مستقل ومرخص من وزارة العمل وبمطبخ مجهز بكافة الأدوات اللازمة.