فلسطين أون لاين

سقط ربيع وجاء تطبيع، فهل من عودة وعبرة؟!

يقولون إن عشر سنوات مرت على ثورات الربيع العربي. ثورات ما يسمى الربيع العربي التي بدأت في تونس، ومرت بمصر وليبيا واليمن وسوريا، كانت ترفض الدكتاتورية، وتنادي بالديمقراطية، وكانت ترفض التطبيع مع الاحتلال، وتنادي بدعم الحقوق الفلسطينية، ثورات الربيع العربي وُئدت في أماكن وجودها على يد الثورات المضادة، ولم تنجُ منها إلا الثورة التونسية التي تسير أيضا بعرج بيِّن.

ثورات الربيع، والديمقراطية، انهارت سريعا، إذ كانت ضربات الثورات المضادة المستندة لقوة الجيش والدكتاتورية والإسناد الغربي أقوى، وأكثر قسوة، فحطمتها قبل أن تبدأ رحلتها العملية، واقتلعتها قبل أن تضرب جذورها في الأرض، ثم رمتها ورمت الفاعلين فيها بكل آيات الخيانة والإرهاب.

لم تكن ثورات الربيع العربي تمتلك خبرة قادة الجيش في الحكم، ولم يكن لها إسناد داخلي قوي على مستوى الشعب والأحزاب، والمال وعناصر القوة الأخرى، وكانت قيادات الجيوش تمتلك الخبرة في الحكم، وتمتلك المال وعناصر الإسناد الداخلي والخارجي، لذا تمكنت من هزيمة الربيع، وأعادت الحكم إلى سابق عهده، من حيث الاعتماد على سلطة الفرد القائد، وعلى قوة النخبة في الجيش لفرض الاستقرار والقبول بقيادة الجيش.

الربيع الذي لم يقبل بعودة الجيش دخلت بلاده في حرب أهلية شرسة ما زالت قائمة حتى تاريخه، ويمكن أن نلمس ذلك في ليبيا واليمن، وما سوريا عنهما ببعيد.

سقط الربيع المتمرد، وجاء في مكانه ربيع التطبيع، بإسناد أميركا (وإسرائيل) والجيش والأسر الحاكمة. وما زال ربيع التطبيع يمرّ في العواصم العربية يطلب منها الإسراع نحو (تل أبيب) لضمان البقاء والاستقرار، ولضمان مساعدات أمريكية أمنية وعسكرية ضد أخطار متوهمة لدول يجري سكانها وراء رغيف الخبز فلا يجدونه إلا بمشقة. لا خطر حقيقي يقف وراء هرولة التطبيع، وما يقف وراءه هو عقود طويلة من التطبيع السري الجاري في العواصم من خلف الشعوب تحت طاولة الحاكمين وبعيدا عن الإعلام، كما صرح بذلك المغرب العربي.

يقولون: إذا خلا الكوب من السائل لا يبقى فارغا، بل يملؤه الهواء، وإذا خلت العواصم العربية من ثورات الديمقراطية ملأته ثورات التطبيع. العرب في العقود الأخيرة بين ربيعين: ربيع عربي، وربيع (إسرائيلي) إن صحت التسمية، والثاني ثبت أنه الأقوى، ولكن يقول المتفائلون إنه الأقوى إلى حين أيضا، والمعركة لم تنتهِ، وقد يعود ربيع الديمقراطية في وقت قريب. أقول: العودة ليست هي الأساس، ولكن العبرة هي الأهم، فهل تكون العودة القادمة مع عبرة كافية؟!