أي تنظيم أو جماعة ما هو إلا مجموعة من الأفراد والأشخاص الذين تجمعهم أفكار وتوجهات محدده متفق عليها، لذا فمن الطبيعي أن يتطور التنظيم بتطور أفراده وكذلك قد يشيخ التنظيم أو الجماعة مع أعمار أفراده.
لن أبحث كثيرا عن سبب إعلان حماس عن وثيقتها السياسية، او توقيت الاعلان، بالرغم من وجود عدة اسباب منطقية تتطلب من حماس القيام بهذه الخطوة.
لكن سأتناول بعض ما احتوته الوثيقة، خاصة أن اللغط المقصود والاتهامات الموجهة من البعض لحماس قد طالت بنود الوثيقة وشككت فيها بل هناك من نشر وأذاع بنودًا ليست أصلًا من الوثيقة والبعض حرّف من البنود والبعض الآخر أسقط من البنود ما أراد، وكل هذا طبعًا ليس بالخطأ أو بنية طيبة!! بل هو تعمد وذلك بهدف تشويه الوثيقة وبالتالي تشويه حماس، فهذا الذي يبث هذه الاكاذيب يعتمد على الاخطاء لأنه يظن ان السامع أو القارئ لن يعود للوثيقة للتأكد من صحة او كذب هذه المعلومات المذاعة، لذا أدعو من يريد تقييم الوثيقة والحكم عليها أن يقرأها أولا ثم يضع حكمه.
لذا كان لا بد من العودة للوثيقة وقراءة بنودها وبالتالي الحكم عليها، ولا يجب الاعتماد على رأي من تستضيفهم بعض الفضائيات على أنهم محللون سياسيون وهم بالأصل أعضاء بل قادة في تنظيمات فلسطينية وبالتالي سينظر للوثيقة الحمساوية بنظرة حزبية فصائلية ضيقة.
حماس انطلقت عام 1987 أي قبل ثلاثين عامًا، ووضعت ميثاقها عام 1988، ونحن نعيش الآن عام 2017 وقد جرت أحداث كثيرة وكبيرة وتغير واسع على كل الساحات سواء الفلسطينية أو العربية أو حتى العالمية، ومن الطبيعي التعامل مع هذه التغيرات بمهنية ومواكبتها مع الحفاظ طبعًا على الثوابت والقيم التي قامت عليها الحركة. إن الجمود يليق بغير البشر، فالحركات الإسلامية هي الأجدر بالتطور وفق مرجعيتها الإسلامية المرنة التي تتطابق مع القرآن والسنة وفقه الواقع، فالقرآن والسنة أساس وقواعد كل تشريع، وقد تركت مساحة للبناء على هذه القواعد وفق متطلبات العصر والواقع وبما لا يحيد عن هذه الأسس.
المراجعات وتقييم الماضي ورسم صورة للواقع يطالب فيها كل من أجاد العمل السياسي بل وأي عمل، فأنت كي تحافظ على وجودك وكي تستمر بمسيرتك وتصل لهدفك تحتاج مراجعة مستمرة وتقييمًا واعيًا لحالك ولحال البيئة المحيطة وبالتالي التخطيط السليم.
أختم مقالتي هذه بأحد بنود الوثيقة وأظنه يلخص حال الوثيقة:
فلسطين بحدودها من نهر الأردن شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً، ومن رأس الناقورة شمالاً إلى أمّ الرشراش جنوباً وحدة إقليمية لا تتجزّأ، وهي أرضُ الشعب الفلسطيني ووطنُه. وإنَّ طردَ الشعب الفلسطيني وتشريدَه من أرضه، وإقامة كيانٍ صهيونيّ عليها، لا يلغي حقَّ الشعب الفلسطيني في كامل أرضه، ولا ينشئُ أي حق للكيان الصهيوني الغاصب فيها.