قائمة الموقع

دائرة الجرائم في الداخل الفلسطيني تتَّسع.. أسباب سياسية واجتماعية كامنة

2020-12-20T09:12:00+02:00
فلسطينيو الداخل المحتل يعتصمون ضد الجرائم التي يتعرضون لها (أرشيف)

تعيش البلدات العربية في الداخل المحتل في سابقة هي الأخطر منذ عام 1948م نتيجة تفشي ظاهرة جرائم القتل التي أودت بحياة أكثر من 100 شخص منذ بداية العام الجاري، الأمر الذي يضع علامات استفهام عن طبيعة الأسباب التي رفعت الأعداد لهذا الحد.

وقُتل خلال اليومين الماضيين ثلاثة فلسطينيين من باقة الغربية وجت في جريمتي قتل منفصلتين، وسط صمت واضح من شرطة الاحتلال.

ووقعت في الأيام الأخيرة جرائم قتل بوتيرة شبه يومية، حيث قتل منذ مطلع الشهر الجاري 14 شخصًا، ليبلغ عدد القتلى منذ مطلع العام الجاري 105 بينهم 17 امرأة.

وتشهد البلدات العربية تصاعدًا خطرًا في أعمال العنف وجرائم القتل، في الوقت الذي تتقاعس فيه شرطة الاحتلال عن القيام بدورها في كبح جماح هذه الظاهرة، التي باتت تقض مضاجع المواطنين.

ويكشف مدير مركز مساواة في الداخل المحتل جعفر فرح، أن عدد القتلى في العام الماضي بلغ 94 قتيلًا.

سياسات مقصودة

وعزا فرح خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين"، أسباب ارتفاع جرائم القتل في البلدات العربية إلى سياسة السيطرة المقصودة التي تنتهجها سلطات الاحتلال، عبر إبقاء حالة الفلتان الأمني.

وبيّن أن إبقاء الفلتان الأمني إحدى وسائل مخابرات الاحتلال للسيطرة على الشارع الفلسطيني، من خلال الحفاظ على وتيرة مقبولة إسرائيليًا من هذه الظاهرة داخل القرى والمدن العربية.

وبحسب فرح، فإنه في حال حدوث شجار بين عربي ويهودي تتدخل مخابرات الاحتلال وتعتقل المواطن العربي في غضون 48 ساعة، وعلى العكس إذا كان بين عربي وآخر، تهمل القضية إلى حين الانتقام بينهما.

وعدّ ما يجري في البلدات العربية حالة تمّرد على القانون تسودها سلطة الغاب بشكل مقصود، وأن شرطة الاحتلال تجد في هذه الوسيلة "أسلوبًا ناجعًا" لإشغال فلسطينيي الداخل بأنفسهم، محملًا إياها المسؤولية عن تفشي جرائم القتل.

واستعرض فرح، عوامل أخرى لها علاقة بتفشي الجريمة، وهي "السوق السوداء" التي تستخدم في تجارة السلاح في ظل غياب المنظومة المصرفية والإقراض للقطاعين العام والخاص، منبهًا إلى أن "جباية القروض لها عصابة منظمة".

وأوضح أن انتشار السلاح بين العائلات والسماح بتداوله في السوق السوداء، سببان رئيسان لتفشي جرائم القتل، متحدثًا عن غياب الأطر المجتمعية والمؤسسية لإصلاح الشباب المنخرطين في دائرة العنف، بهدف إعادة ترتيب انتمائهم ودمجهم في المنظومة الأخلاقية.

وتضاف إلى ذلك، وفق فرح، عوامل ذاتية والانهيار الأخلاقي الحاصل في المجتمع العربي وعدم احترام حقوق الإنسان، عدا عن الأسباب الاجتماعية التي لها علاقة بتفشي الفقر والبطالة بين كثير من المواطنين، وانخراط بعض الشباب في عصابات الاجرام بعد طردهم من مدارسهم.

وشدد على أن الأسباب الاجتماعية تُغذى إسرائيليًّا في ظل تفشي فيروس كورونا حيث رصدت حكومة الاحتلال حوالي 20 مليار شيقل للكفالات البنكية في المصارف الإسرائيلية تحت ذريعة اعطاء قروض للقطاع الخاص لمواجهة الجائحة.

ونبه فرح إلى أن تحركات القوى واللجان في الداخل الفلسطيني لا تُشكّل قوّة ردع ولا تستطيع السيطرة على واقع تفشي الجريمة، ويقتصر دورها على التحركات الصوتية فقط، خاصة في ظل غياب سلطة الاحتلال التي تمارس سطوتها على المواطنين.

مسارات متعددة للجريمة

وقدّر المختص في الجريمة والباحث في العنف في الوسط العربي د. وليد حداد، أن البلدات العربية تضم بين جنباتها نصف مليون قطعة سلاح بين أيدي المواطنين، وهو يساهم في تفشي جرائم القتل.

وأوضح حداد خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين"، أن أي مواطن في الداخل الفلسطيني المحتل يستطيع امتلاك السلطة من خلال طُرق متعددة مثل السوق السوداء وغيرها من الطرق المتعددة.

وبيّن أن تجارة السلاح بين المواطنين في البلدات العربية تتم بسهولة، دون أن تحرك شرطة الاحتلال أي ساكن، بل إنها تعلم غالبية الأشخاص الذي يتاجرون به، ويستطيعون القاء القبض عليهم، "لكنهم لا يريدون ذلك".

وأشار إلى أن المجتمع العربي يعاني من آفة العنف والجريمة نتيجة تفشي حالة الفقر وعدم وجود أفق أمام الشباب، مستدركًا "لكن المسؤولية تقع على عاتق الدولة في إيجاد الأطر والحلول وبرامج الحد من العنف".

وأفاد بأن دولة الاحتلال أهملت ملف العنف والسلاح على مدار السنوات العشرين الأخيرة، وأصبحت تُميز بين سلاح لأهداف جنائية أو أمنية، ما دفع المواطنين لاقتناء السلاح.

وأكد أن تغول السلاح أدى إلى ارتفاع أعداد القتلى في البلدات العربية، محملًا دولة الاحتلال المسؤولية عن ذلك.

ومن بين الأسباب التي أدت لارتفاع الجريمة، وفق حداد، التمييز بين الخدمات المقدمة للمجتمع العربي واليهودي، مثل برامج السلام والتوعية والثقافة، في حين لا تستطيع الهيئات المحلية في البلدات العربية تمويل مثل هذه البرامج.

وذكر أن لجان المتابعة في الداخل المحتل ليس لها صلاحيات بسحب السلاح من مقتنيه، "بل وصل الأمر حد الاعتداء عليها من تجار السلطة، الأمر الذي يدفع باتجاه المزيد من جرائم القتل".

في الأثناء، كشف عن وجود مجموعة من الخارجين عن القانون يمثلون ما نسبته 3-5% في المجتمع العربي يمارسون العنف ويعملون على تغذيته، ويستغلون العائلات الفقيرة لممارسة جرائم القتل، وهو ما يعرف بظاهرة "أحياء الفقراء".

وختم حديثه، بقدرة سلطات الاحتلال، في حال أرادت ذلك، على وقف ظاهرة القتل بما لديها من إمكانات في غضون أقل من شهر، "لكنها معنية باستمراره وتفشيه في المجتمع العربي".

اخبار ذات صلة