صادقت ما تسمى بـ"اللجنة الوزارية لشؤون التشريع" التابعة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، أمس على مشروع قانون "القومية اليهودية"، ويحتاج إلى المرور بثلاث قراءات في الكنيست قبل أن يصبح قانونا نافذا.
وكان النائب عن حزب "الليكود" الحاكم، آفي ديختر، قد تقدّم باقتراح القانون المذكور، والذي نص على أن "دولة (إسرائيل) هي البيت القومي للشعب اليهودي، وأن حق تقرير المصير في الدولة يقتصر عليهم".
كما ينّص على أن "لغة الدولة (إسرائيل) هي اللغة العبرية، وتغيير مكانة اللغة العربية من لغة رسمية إلى لغة لها مكانة خاصة في الدولة". كما يحتوي نص القانون على بند يعطي كيان الاحتلال الحق في "أن تتيح لمجموعة؛ بما في ذلك أبناء مجموعة دينية واحدة أو أبناء قومية واحدة، إقامة بلدة جماهيرية خاصة".
وقالت الاذاعة العبرية، إن مشروع القانون يهدف إلى "الدفاع عن مكانة (إسرائيل) كدولة قومية للشعب اليهودي؛ خاصة في هذه الأوقات التي يطالب فيها أناس بإلغاء حق الشعب اليهودي في بيت قومي بدولته".
ويأتي "قانون القومية" الجديد بعد محاولتين مختلفتين؛ فشل خلالهما الائتلاف الحكومي في الدولة العبرية في الدفع بهما في دورات الـ "كنيست" السابقة.
ومن الجدير بالذكر، أن الاحتلال شرّع منذ عشرات السنين قانونا أساسيا يُعرّف دولته بأنها "يهودية وديمقراطية"، وفي حال تم تمرير مشروع القانون الجديد في الـ "كنيست" فإنه سيقدّم "(إسرائيل) كدولة قومية للشعب اليهودي".
ويحسم مشروع القانون قضية تتعلق باللاجئين؛ حيث ينص على أن "الحقوق القومية تمنح فقط للشعب اليهودي والحق بالهجرة حكر على اليهود"، وبهذا يلغي أحد ثوابت الفلسطينيين في المفاوضات، وهو ما قد ينهي العملية السلمية وينقلها إلى مسار آخر.
إعلان حرب
بدورها، استنكرت الكتلة البرلمانية للقائمة المشتركة، إقرار "قانون القومية"، مؤكدةً أنها ستعمل كل المستطاع للتصدي له ولإفشاله، حيث اعتبرته من أخطر القوانين التي جرى طرحها في العقود الأخيرة.
واعتبرت الكتلة في بيان صحفي، أمس، دعم حكومة الاحتلال للقانون بأنه بمثابة إعلان حرب على فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 وعلى مكانتهم وحقوقهم الأساسية.
وأشارت إلى أن القانون ليس محدودًا أو مقيّدًا بمجال معيّن، بل يمنح الشرعية للتفرقة العنصرية في كافة مجالات الحياة، ويؤسس وبشكل رسمي لنوعين من المواطنة، واحدة لليهود وأخرى للعرب الفلسطينيين أصحاب البلاد الأصليين.
وأكدت الكتلة في بيانها، أنها بصدد إطلاق حملة للتصدي للقانون برلمانيًا وشعبيًا ودوليًا، داعيةً إلى تشكيل أوسع تحالف في الكنيست وخارجه لإفشاله.
وفي السياق، قال النائب العربي في الكنيست طلب أبو عرار، معقبا على إقرار القانون: "إن قانون القومية هو عصارة حقد وكراهية وعنصرية الحكومة الفاشية الإسرائيلية، وهو مخالف للأسس الديمقراطية، وكذلك مخالف للقوانين الدولية".
وأضاف أن "هذا القانون سيكون له تبعات سلبية على عملية السلام المزعومة، بل سيكون عقبة كؤود في أي مفاوضات، وسيؤثر سلبا على العلاقات ما بين العرب واليهود، وسيكون طريقا معبدا لإقرار قوانين أكثر عنصرية وحقدا ضد العرب".
وشدد على أن "حكومة الكراهية ستتحمل تبعات هذا العمل المشين".
وذكر أبو عرار أنه سيطرح الموضوع على لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية لاتخاذ الخطوات الملائمة "ضد هذا القانون الفاشي".
من جانبه، أكد النائب العربي السابق في الكنيست طلب الصانع، أن إقرار هذا القانون يعتبر في منتهى الخطورة على مصير الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، لافتاً إلى أن القانون يلغي بشكل نهائي حق العودة للاجئين للفلسطينيين لأراضيهم.
وقال الصانع في تصريح لـ"فلسطين": "إن إقرار القانون خطير للغاية على مصير العرب، ويخرجهم من دائرة أنهم أصحاب الوطن الأصليون، ويؤكد على يهودية الدولة التي هي حق للشعب اليهودي بدلاً من الفلسطينيين".
وأضاف الصانع أن القرار يشرعن سياسة التمييز العنصري ضد العرب، لأنه يعطي امتيازات لليهود فقط، دون أي اعتبار لأصحاب الوطن الأصلي، ويعطي كذلك شرعية للممارسات العنصرية ضد الفلسطينيين في الداخل المحتل".
وشدد على أن هذا القانون "يبقى غير دستوري لأنه يتنافى مع النظم والقيم الديمقراطية المبنية على المساواة على أساس المواطنة للجميع بغض النظر عن العرق والدين".
تمييز عنصري
من ناحيته، أكد تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن (إسرائيل) تعيد من خلال القانون تعريف نفسها باعتبارها دولة تمييز عنصري بامتياز.
وقال خالد في تصريح صحفي، أمس، إن مشروع القانون المذكور يجرد أبناء البلاد الأصليين من الفلسطينيين من حقوقهم القومية الجماعية ومن حقهم في تقرير المصير كجزء أصيل من الشعب الفلسطيني .
وأضاف أن عنصرية هذا القانون تتجلى كذلك في أنه يعتبر "لغة الدولة هي اللغة العبرية" وفي تغيير مكانة اللغة العربية من لغة رسمية إلى لغة لها مكانة خاصة تماما كما هو الحال مع اللغة الروسية، التي يستخدمها المهاجرون الروس في (اسرائيل) وكأن الفلسطينيين مجرد مهاجرين وليسوا سكان البلاد الأصليين.
وشدد خالد على أن مشروع القانون "يتخطى بأبعاده وأهدافه تكريس (اسرائيل) كدولة أبارتهايد وتمييز عنصري نحو ما هو أبعد في محاولة لدفع الجانب الفلسطيني نحو الاعتراف بـ(إسرائيل) كـ"دولة الشعب اليهودي"، وذلك كشرط مسبق للعودة إلى طاولة المفاوضات".