مع اقتراب الاختبارات النهائية للفصل الدراسي الأول طفت على السطح من جديد أزمة الرسوم الجامعية بين الطلبة وإدارات الجامعات التي تطالبهم بضرورة دفع الأقساط المالية المُستحقة عليهم.
وأغلقت إدارات الجامعات في غزة مؤخرا الصفحات الإلكترونية "المودل" للطلبة غير المسددين للأقساط المالية المُستحقة عليهم، مطالبةً إياهم بدفع الرسوم، كي يُعاد فتحها وتمكينهم من تقديم الاختبارات النهائية، وهو ما شكّل هاجس خوف لديهم، تزامناً مع تردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع المحاصر من الاحتلال منذ 14 عاما.
واشتدت وطأة الأزمة الاقتصادية والمعيشية على القطاع بعد تفشي جائحة كورونا، التي دفعت الجهات الحكومية لإغلاق الجامعات والاعتماد على "التعليم عن بُعد"، لاستكمال الفصل الدراسي، حتى انتهاء الأزمة.
الطالب حمزة الفقعاوي (20 عاماً) يدرس في قسم الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، أحد الطلبة الذين أغلقت إدارة الجامعة صفحته الالكترونية، وحرمته من تقديم الاختبارات النهائية المقررة الأسبوع القادم، والسبب "عدم تسديد باقي الرسوم المالية".
ويقول الفقعاوي خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين": "إدارة الجامعة أغلقت صفحتي بشكل كامل، ولن أستطيع الآن إنجاز التكليفات وتقديم الاختبارات النهائية، بسبب عدم دفع القسط الثاني المستحق علي".
ويوضح أن الجامعة قسّمت دفع الفصل الدراسي لثلاثة أقساط، وتم دفع القسط الأول، فيما "لم أتمكن من دفع القسط الثاني حتى الآن، نتيجة صعوبة الظروف المعيشية للعائلة".
ويشير الفقعاوي وهو أحد ناشطي جبهة العمل الطلابي بالجامعة، إلى أنه قدّم العديد من الطلبات إلى الجامعة للتراجع عن قراراتها وفتح صفحات الطلبة، لكنها "لم تتعامل معها وردّت أن الأمر يتعلق بمجلس الطلبة الذي عيّنته هي"، وفق قوله.
ويصف هذه السياسة التي تتعامل بها إدارات الجامعات بـ"المجحفة" كونها لا تُراعي الظروف الصعبة التي يعيشها الطلبة وعائلاتهم، مضيفاً "المفترض أن تقدم الجامعات تسهيلات أكثر للطلبة في ظل إغلاق مصادر الدخل، وليس التشديد عليهم".
ويشدد على أن "هذا الإجراء يُعيق العملية التعليمية ويؤثر على مستقبل الطلبة بشكل عام"، لافتاً إلى أنه "في حال دفع الطالب القسط المطلوب منه، لن يتمكن من تقديم الامتحانات السابقة وسيتم احتساب الاختبار النهائي من درجة 100، مع خصم 20 درجة عن الأنشطة السابقة غير المنفذة بسبب إغلاق الصفحة".
هكذا بدا الحال لدى الطالب جمعة أبو سعدة المُلتحق بكلية التمريض "الدبلوم المتوسط" في جامعة فلسطين، الذي أُغلقت صفحته الالكترونية "المودل" ولم يعد قادراً على تقديم الاختبارات النهائية الأسبوع القادم.
ويقول أبو سعدة خلال حديثه مع "فلسطين"، "لا أستطيع دفع الرسوم المتبقية التي تصل إلى 450 ديناراً أردنياً في الوقت الحالي، نظراً لصعوبة الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تمر بها العائلة".
ويوضح أنه دفع القسط الأول بقيمة 150 ديناراً أردنياً، وغير قادر على دفع القسط الثاني، مبيّناً أن "إدارة الجامعة هددتهم في حال عدم دفع المبلغ المستحق عليهم سيتم احتساب الفصل غير مكتمل".
ويرى أن إجراء إدارة الجامعة "سياسة استغلال وابتزاز للطالب، لا تتناسب مع الظروف المأساوية التي يمر بها القطاع في الوقت الحالي"، متسائلاً: "كيف يُمكن لوالدي توفير المبلغ المستحق في ظل إغلاق المحلات يومي الجمعة والسبت اللذين يشهدا ذروة عمله؟".
ودعا أبو سعدة إدارة الجامعة للتراجع عن القرار وفتح الصفحة الالكترونية كي يتمكن من تقديم الاختبارات النهائية، مضيفاً "إذا لم أُكمل هذا الفصل، فلن أتمكن من تسجيل الفصل القادم والأخير لي في الجامعة".
قرارات تعسفية
وقال منسق الحملة الوطنية للمطالبة بتخفيض الرسوم الجامعية إبراهيم الغندور، إن إدارات الجامعات تُقدم على إغلاق صفحات الطلبة مع بداية الفصل وقرب الاختبارات النهائية، في محاولة للضغط عليهم لدفع الأقساط الجامعية.
وأكد الغندور في حديثه مع "فلسطين" رفض القرارات التعسفية لإدارات الجامعات، مطالباً إياها بالتراجع عنها، كونها تحرم الكثير من الطلبة من حقهم في التعليم، لعدم قدرة الأهالي على دفع الرسوم.
وأضاف "كانت بعض إدارات الجامعات تطالب الطلبة بدفع رسوم 6- 9 ساعات كحد أدنى، لكن هذا الفصل رفعت هذا الحد إلى 12 ساعة، في خطوة تعسفية لا تراعي الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع في الوقت الحالي".
وأشار إلى أن تكلفة التعليم في الجامعات بغزة مرتفعة مقارنة مع جامعات العالم، التي خفّضت الرسوم في ظل تفشي جائحة كورونا، كون التعليم أصبح عن بُعد، عدا عن أن الطالب الآن يتحمل تكاليف أخرى مثل توفير خط إنترنت وجهاز لاب توب.
وطالب الغندور الحكومة بضرورة دعم وحماية التعليم الجامعي، وتفعيل صندوق وطني لدعم الطلبة، داعياً لتبني نهج تعليم وطني يراعي الأوضاع الراهنة على قاعدة أن لا يُحرم طالب من التعليم.
وكان مجلس طلاب الجامعة الإسلامية قد رفض إغلاق إدارة الجامعة منصة "المودل" على الطلبة لمنعهم من تسليم التكاليف وتقديم الاختبارات النهائية.
وذكر المجلس في بيان نشره أول من أمس، أنه اجتمع مع إدارة الجامعة مرات عدّة، وقد تمثلت مخرجات الاجتماعات بإيجاد حل مرحلي لجميع الطلبة، على أن يكون هناك جلسة تقييمية يوم الأربعاء الماضي للنظر في إيجابية الحل القائم ومدى فاعليته.
وبيّن أن إدارة الجامعة ممثلةً بالشؤون الأكاديمية اعتذرت عن الاجتماع ضاربةً بجميع الوعود عرض الحائط، للتهرب من مسؤولياتهم تجاه الطلبة.
وقرر المجلس إمهال إدارة الجامعة حتى صباح يوم الأحد القادم؛ لإزالة الحجب عن جميع الطلبة، وإلا سيخوص جميع الإجراءات النقابية لنيل جميع المطالب، وفق البيان.