فلسطين أون لاين

جراح عربي للقلب العربي.. تحليل المآسي العربية وحلولها!

هذه الكلمات هي النصيحة المخلصة التي أوجهها في كل الملفات التي تمزق المنطقة العربية، وقد شعرت بأنني مطالب أخلاقيًّا بالكشف عمَّا يستره الآخرون خوفًا أو طمعًا أو جهلًا؛ وهذه الدوافع الثلاثة برَّأَني الله منها، كما أن غيرتي على هذه الأمة تدفعني إلى ألا أحاذر في حقها لومة لائم، وسوف أسمي الأشياء بأسمائها، وقد يقول قائل: لا أمل والأمة مسجاة على مذبح أعدائها، وأنا أقول: لا نامت أعين الجبناء المخاتلين، لأن قلبي ينفطر على الشعوب العربية جميعًا وأريدها أن تعرف الحقيقة وأن تعي مصالح الأمة العليا التي أهدرتها حسابات قاصرة. وقد لا تنهي هذه النصيحة مأساة العرب ولكني واثق بأنني لا أيأس من روح الله وهو الهادي إلى سواء السبيل.

ومنهجي أن أحلل الملفات وأقدم مقترحات بالحلول. وأما أسبابي في هذه المبادرة، فأولها: أن المعاناة زادت والنزيف في كل اتجاه مستمر دون تحديد أهداف مع ارتفاع المرارات، وثانيها: أن كرامة العرب وأموالهم ليست للصالح العربي وإنما هي مؤامرة على العرب ولصالح الولايات المتحدة و(إسرائيل)، فصارت المنطقة العربية في حالة يرثى لها بلا مبرر، واتسع البون بين المنطق والعقل وبين المأساة، كما بين الحاكم والمحكوم واستنزاف ثروات العرب وكرامتهم وتدمير أوطانهم وضياع أعمار الأجيال في بلادهم. وأرجو أن يعذرني من أحتد معهم، فهي عملية جراحية لصالحهم.

أولًا: في العراق

عملت واشنطن على تأليب العراق ضد الثورة الإسلامية في إيران مستغلة آمالًا كاذبة في أن يخلف العراق مصر بعد صفقة كامب ديفيد، وتنافست السعودية مع العراق، وقامت واشنطن بدفعهما معًا إلى طريق الدمار. ثم بدأ الخراب بعد مهاجمة إيران ثم غزو الكويت ثم الغزو الأمريكي البريطاني للعراق وتشجيع واشنطن للأكراد ودعم صدام حسين لإفناء إيران. فخرجت إيران أقوى وساندت الغزو الأمريكي للعراق كما أوعزت إلى المكون الشيعي بأن احتلال العراق يعني تسيدهم على السنة في أخطر فتنة طائفية، انتقامًا من جانب إيران، ودمارًا متعمدًا من جانب واشنطن فقد عاش العراق قويًّا ملكًا لأبنائه ولكن المؤامرة عليه أشعلت الطائفية، علمًا بأن الاتجاه القومي الأحمق لم يكن بطبعه طائفيًّا. فصار السنة هم أنصار صدام والبعث وصار قانون اجتثاث البعث الذي أصدره بريمر هو اجتثاث للسنة وساندته الفصائل الشيعية بكل غباء، ثم قسمت واشنطن العراق مع هيمنة إيران ضمانًا لاستمرار الطائفية. ثم صنعت داعش لضرب الإسلام والمسلمين من كل طائفة، وللأسف كانت جهود مقاومة داعش قد التبست بضرب السنة حاضنتها الشعبية وخاصة في المدن العراقية المقاومة للاحتلال، فصور الأمر على أن الشيعة هم الأسياد الجدد والسنة هم العبيد الجدد. فصار العراق ساحة لكل عنف ونهب ثرواته وساحة للصراع الأمريكي الإيراني.

والحل هو تقديم ورقة شاملة بتحليل واضح وأمين تعرض على حلقة ضيقة من عقلاء العراق غير الطائفيين وأتصور أن الحوار يتم على ثلاثة مبادئ:

العراق لكل العراقيين ولا يسمح بتمزيق العراق بسبب الماضى وانفصال الأكراد (بالطبع الورقة الكردية من أهم صفحات المؤامرة).

استقلال العراق عن إيران والولايات المتحدة بإعلان العراق دولة محايدة وتعيد الحكومة الأموال المنهوبة والضائعة في الفساد ويعود كل العراقيين إلى وطنهم.

يبرم العراق الجديد تفاهمات مع إيران والسعودية والولايات المتحدة وتركيا بحيث تحترم وحدة العراق وسلامته وهويته العربية وعدم العبث باستقلاله وأراضيه والضمانة الوحيدة لسلامة العراق هو الحكم الديمقراطي الذي يحقق آمال العراقيين.

ثانيًا: اليمن وبطل المأساة فيها هو السعودية وإيران أما عناصر المأساة فهي التدمير الممنهج لليمن باسم محاربة إيران والحوثيين، واستباحة الأراضى والمدن والبر والبحر والجو في السعودية، فكيف تنقذ اليمن والسعودية معا خصوصا أنه كلما انتقم الحوثيون من السعودية انكشف الدور السعودي وعبث الابتزاز الأمريكي وهنا تتقدم (إسرائيل) وربما كان تفجير الناقلة البريطانية يوم 14/12/2020 في ميناء جده البحري بترتيب أمريكي إسرائيلي حتى تعترف السعودية بـ(إسرائيل) وتجتهد في تجفيف واشنطن لموارد السعودية ما انعكس على الشعب السعودي واستدانة المملكة.

الحل شجاعة القرار السعودي في جمع كل الأطراف اليمنية والتوافق على حل يحقق مصالح السعودية وينقذ اليمن من عبث الإمارات في مواني اليمن وتقسيم اليمن الجنوبى وميوعة حكومة هادي وتأرجح موقف السعودية أهمية هذا الحل للسعودية واضحة وحاسمة: ماليًّا وسياسيًّا وأمنيًّا وعسكريًّا وأخلاقيًّا من شأنه أن ينسجم مع الطابع الديني للمملكة وأن تنسحب المملكة من جميع الساحات المهددة للمصالح العربية والخليجية والإسلامية وتقود حملة الدفاع عن القدس وتفلت من الضغوط والتبعية. وتعتذر عن قضية خاشقجي وتسوي الأمر مع أسرته. كما تعتذر لتركيا وتعيد خطوط الاتصال معها فلا يكون مكان لواشنطن ويحقق ولي العهد أهدافه الإيجابية ويفرج عن المعتقلين ويحافظ على وحدة الأراضي السعودية ويوقف الاندفاع نحو التردي والابتزاز والاعتراف بـ(إسرائيل).

ثالثًا: ليبيا

تتحكم في الأزمة الليبية أطراف أجنبية فأسالت دماء الليبيين وفرقتهم وأفقرتهم. نقطة البداية هو مجموعة من عقلاء ليبيا للاتفاق على رفض كل التدخلات الأجنبية والبحث عن حل يكفل وحدة ليبيا وازدهار مواردها وتحقيق الاستقرار فيها ويمكن أن يتم ذلك بمساعدة مصر بموقف جديد والسعودية.

رابعًا: احتواء مصر والسعودية للإمارات، ومنعها من العبث بالقضايا العربية واندفاعها نحو (إسرائيل)، وانضمامها إلى عقلاء العرب في مصر والسعودية وتركيا من أجل بناء نواة إقليمية صلبة يمكن أن تحتوي (إسرائيل) وتحقق تسوية سياسية لمشكلة فلسطين، وفي هذه الحالة يمكن أن تنضم إيران إلى هذه الكتلة وتضم إيران وتركيا والسعودية ومصر وهذا الرباعي يمكن أن يستقل عن واشنطن و(إسرائيل) ويتم تسوية المأساة في سوريا ولبنان الممزقة بين إيران والسعودية (ومن خلفها واشنطن و(إسرائيل)). وفى هذه الحالة لن يكون هناك داعٍ للمقاومة ويتحول حزب الله وحماس إلى فصائل وأحزاب سياسية إذا تم احتواء (إسرائيل).

وإذا رغبت (إسرائيل) أن تكون جزءًا من المنطقة فلتكف عن تدمير المنطقة واغتصاب فلسطين والتسوية مع العرب وهم يحتضنون اليهود المسالمين ثم يتعاون الجميع لخير المنطقة وأهلها وفى هذا المناخ نجلب الاستقرار للدول العربية على قاعدة المصالحة بين الحاكم والمحكوم، فلا داعي للثورات والإرهاب والتحالفات وفي مرحلة لاحقة يدخل الغرب مع الكتلة السياسية الرباعية الجديدة فلا يكون هناك لجوء أو هجرة غير قانونية ويعمل الجميع على أمن واستقرار وازدهار البحر المتوسط. وفي هذه الحالة تعيد الدول الأوروبية ترتيب اقتصاداتها فلا يقوم اقتصادها على صناعة السلاح وتأجيج الصراعات.

فهل ما أريده حلم ليلة صيف أو روشتة مثالية تجافي وتناطح الواقع. أذكر بأن السلام بدأ أحلامًا عند الفلاسفة فنازع السلام والازدهار نزعة الحرب والهيمنة لأسباب اقتصادية، ونعلم إقامة اقتصاد عالمي قائم على السلام والأمن للجميع، ولا بد أن يتخلى الغرب عن احتكاره للحياة ونعيمها وترك الدمار والعبودية والفقر لغيره والهيمنة على منطقتنا بوسائل أخرى.