في مشهد لقي إشادة واسعة، جاء إعلان رئيس المكتب السياسي السابق لحركة المقاومة الإسلامية حماس أول من أمس، خالد مشعل، عن فوز إسماعيل هنية برئاسة المكتب بموجب انتخابات جرت بالتزامن في الدوحة وغزة، بواسطة نظام الربط التلفزيوني (الفيديو كونفرنس).
وفي 13 فبراير/شباط الماضي، انتخب يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي لحماس في قطاع غزة خلفا لهنية، فيما اختير د. خليل الحية نائبا له. وجاء اختيار السنوار لهذا المنصب من خلال انتخابات داخلية للحركة أجريت على مستوى مناطق القطاع المختلفة.
ويقول الناطق باسم حماس حازم قاسم، إن حركته تعتمد منذ انطلاقتها أسلوب الانتخاب لاختيار قياداتها، مضيفا: "نستطيع أن نقول بكل فخر: إن كل المستويات الحركية التي تدير الحركة بالداخل والخارج تم اختيارها عن طريق الانتخابات وعن طريق اختيار الجمهور الحمساوي لها".
ويتابع قاسم لصحيفة "فلسطين": "من أصغر وحدة حركية وحتى رئيس المكتب السياسي يتم اختيارهم عبر الانتخابات وذلك في عملية محكومة باللوائح ومضبوطة بإجراءات قانونية"، موضحا أن هناك لجانا قانونية تضبط العملية الانتخابية.
"نحن أجرينا العشرات من العمليات الانتخابية التي شملت كافة المستويات الحركية والتي تم تتويجها أول من أمس، باختيار القائد إسماعيل هنية رئيسا للمكتب السياسي"؛ والكلام لا يزال لقاسم، الذي يوضح أن حركته حتى منذ ما قبل انطلاقتها كانت تعتمد أسلوب الاختيار والانتخاب لقيادتها، ولم تكن القيادة يوما تفرض نفسها على الجمهور الحمساوي.
ويؤكد أن كل من يشغل منصبا قياديا في الحركة، تولاه بموجب الاختيار والانتخاب، و"هذا منطق وفلسفة اعتمدتها حماس منذ انطلاقتها لإيمانها بأن حق الناس دائما أن يختاروا من يمثلهم".
ويبين أن ذلك لا يقتصر على داخل حماس فقط، بل إن الحركة تصر دائما على إجراء الانتخابات وتدعو إليها، وقد سبق أن دخلت انتخابات نقابية، والانتخابات التشريعية الفلسطينية التي فازت فيها عام 2006، والانتخابات الطلابية، "وهي دائما تحقق نتائج في هذه الأجواء الديمقراطية".
وينوه قاسم، إلى أن الانتخابات تجري في حماس بطريقة دورية وبمواعد محددة مسبقا، وهناك لائحة ناظمة لهذه العملية الانتخابية، معربا عن الفخر بأن الحركة أجرت الانتخابات بنجاح رغم "حالة الضغط التي تعيشها هنا في قطاع غزة، والملاحقة في الضفة الغربية سواء من السلطة أو من الاحتلال، والتشتت الجغرافي".
وبشأن العملية الانتخابية الأخيرة، يوضح أنها بدأت منذ بداية العام الجاري، وأفرزت المستويات المختلفة، حتى مجلس الشورى العام وهو مكون من الضفة الغربية وقطاع غزة والخارج، والذي بدوره انتخب قيادة الحركة، المكتب السياسي ورئيسه.
ويردف: "لدينا مجالس شورى منتخبة بكل المستويات ومجلس شورى عام منتخب ومكتب سياسي منتخب ورئيس مكتب سياسي منتخب ورئيس مجلس الشورى، في عملية شفافة ومؤسساتية تفتخر بها حماس"، مبينا أن حماس التي هي حركة تحرر وطني تقوم بهذا العمل الديمقراطي، وذلك "مفخرة لحماس ولحركة التحرر الفلسطينية ولشعبنا".
وعن عدم ترشح مشعل لانتخابات رئاسة المكتب السياسي بسبب انتهاء فترة رئاسته القانونية، وأن النظام الداخلي ينص على فترتين رئاسيتين فقط، يوضح قاسم أن حماس دائما "تستخدم الأساليب العصرية والحديثة في الإدارة التنظيمية والقيادة الحركية".
قيادة قوية
ويبين أن مجالس الشورى في حماس ومؤسساتها قدرت أن من المناسب اعتماد فترتين متتاليتين فقط لرئاسة المكتب السياسي، وأن هذه طريقة اعتمدها العالم المتحضر، وتسمح بضخ دماء جديدة وطاقات متجددة في منظومة العمل القيادية مما ينعكس بالإيجاب على أداء الحركة.
وينوه إلى أن حماس كحركة مقاومة وتحرر وطني تقوم بأعمال كبيرة جدا تحتاج دائما إلى قيادة متجددة وقوية، لافتا إلى أن مشعل كانت له دورتان متتاليتان واللائحة تنص على أنه لا يحق أن تكون له ولاية ثالثة.
من جهته، يوضح الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، أن حماس تمارس الشورية والديمقراطية بكل معنى الكلمة، بما في ذلك العمليات الانتخابية واختيار قيادتها في المفاصل المختلفة للحركة.
ويقول الصوف لصحيفة "فلسطين"، إن "قمة الديمقراطية عندما يخرج رئيس المكتب السياسي في الدورة الماضية (مشعل) ليعلن من سيكون رئيس المكتب السياسي في الدورة الحالية، وأعتقد أن هذا شيء لم نعهده في أي انتخابات في عالمنا العربي أو الغربي الذي يدعي الديمقراطية؛ لذلك نعم إن الديمقراطية في حماس كانت واضحة جدا".
ويشير إلى أن مفهوم الانتخابات توسع لدى حماس في السنوات الـ20 الأخيرة، مؤكدا أن الحركة سواء في الداخل أو الخارج هي على قلب رجل واحد وتحكمها مؤسساتها ولوائحها الداخلية.
وكانت حماس أصدرت مؤخرًا وثيقة المبادئ والسياسات العامة للحركة، في مؤتمر صحفي مشترك عقده رئيس مكتبها السياسي السابق خالد مشعل في الدوحة، والتي رأى مراقبون أنها تؤكد على الثوابت، وتخاطب المجتمع الدولي بلغته.